إصلاح النفس، لاشك من أهم الأمور التي تقود المؤمن إلى اليقين في الله وتقواه، ومن ثمّ لا يمكن أن تكون النتيجة سوى الجنة بإذن الله، فقد كان العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات، وإذا غابوا كتب بها بعضهم إلى بعض أنه «من أصلح سريرته، أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومَن اهتم بأمر آخرته، كفاه الله أمر الدنيا، ومن اهتم بآخرته، كفاه الله أمر دنياه»، فعلى كل مسلم أن يعيد التفكير في أموره كلها، وأن يسأل نفسه عن هذه الإصلاحات، فإن وجدها في نفسه، طابت نفسه لاشك، وإن لم تكن فيها، فعليه بالإخلاص في النية فإنها أقصر الطرق لإصلاح النفس.
وصية عظيمة
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن هذه الوصية العظيمة القائمة على هذه الأصول الثلاثة، ينبغي للمؤمن أن يتأملها، وأن يعمل بمقتضاها، لأنها تقوم على أصول عظيمة، دل عليها كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، بل أنه لأهميتها يذكر العلماء -وتوقف هنا قليلا عند لفظ العلماء- بعضهم بعضًا بها، ثم إذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض بها على سبيل التذكير والتواصي الذي أمر الله به في كتابه العزيز، ذلك أن من يخرج عن هذه الوصية فإن خسارته لا تضاهيها خسارة.
قال تعالى: « إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ » (العصر: 3)، فهذه الوصية العظيمة لاشك من جملة التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ذلك أنها تتضمن كل المعاني التي توصل إلى الحق.
اقرأ أيضا:
10 وصايا نبوية تضمن لك الصلاح والاستقامة والسعادة في الدنيا والآخرةأصلح نفسك
عزيزي المسلم، ابدأ الآن ولا تتأخر في إصلاح نفسك، واستغل شهر رمضان المبارك في إصلاح نفسك، وفي القرب إلى الله عز وجل، فإن ألد أعداء الإنسان هما الشيطان ونفسه التي بين جنبيه، قال الله تعالى: «إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (يوسف:53).
وأما الخطوات التي لو اتبعتها تصلح بها نفسك الأمارة بالسوء، فهي أولاً أن تشترط عليها الإقلاع عن السوء، وأن تلزم تقوى الله وطاعته، وخصوصًا في هذا الشهر الفضيل.. وثانيًا بأن تراقبها جيدًا حتى لا تقع في مطبات الذنوب، وثالثًا أن تحاسبها على الأفعال والأقوال يومًا بيوم، ورابعًا، أن تجاهدها حتى لا تقصر عن الطاعة، وأن تعلم جيدًا أن خروجك من شهر رمضان تائبًا عابدًا لله، متمسكًا بمبادئ دينك، تستدعي أن تستمر على ذلك مهما كانت المغريات، حينها اعلم أن نفسك بدأت في الاستقامة.. فاستقم كما قال الله تعالى: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (هود 112).