كثيرًا ما تسمع عن جملة (أسياد العالم)، وعلى الرغم ارتباطها الشديد بكرة القدم تحديدًا، إلا أنه بالفعل قد يكون هناك من هم أسياد العالم حقيقةً، فمن هم يا تُرى؟.
لو نظرت حولك ستجد أن أسياد هذا العالم هم أهل التخلي والاستغناء.. أما المتكالبون على الفتات، فهم الفقراء مهما ملكوا، فبيدك أن تكون واحدًا منهم إن أردت وشئت، أما إن جريت بمنتهى عنفوانك على أمل مزعوم، فلن تحصل إلا الكد والتعب، بينما يذهب الخير كله لأهل الرضا، لأنهم من البداية رضوا بما قسم الله لهم، فكانوا أغنى الناس.
يقول المولى سبحانه وتعالى عنهم: «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» (البقرة 273).
مدح إلهي
لا يمكن أن يتساوى من حظي بالثناء والمدح الإلهي، بغيرهم، فهؤلاء مدحهم الله عز وجل وقال فيهم: «لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا»، لدرجة أنه «يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّف».
فقد بلغوا هذه الدرجة من اليقين في الله، والرضا بما قسمه الله، فكانوا عن حق وبكل حق، أسياد العالم، أسياد برضاهم، وأسياد بحيائهم، بينما يعيش من يتكل على الناي ذليلاً وإن أكل وشرب أطعم المأكولات والمشارب، وإن ارتدى أغلى الملابس، ذلك أن الرضا هو قبول حكم الله في السراء والضراء، والعلم أن ما قسمه الله هو الخير كله، وفي ذلك يقول سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما: «من اتكل على حسن اختيار الله تعالى، لم يتمن غير ما اختار الله له».
الفهم السليم للرضا
أما الفهم السليم للرضا، فإنه يتمثل في هدوء القلب «وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ » (التغابن: 11)، ويفسرها العلماء في قولهم: «هي المصيبة تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله عز وجل، فيسلم لها ويرضى»، فالأرزاق بيد الله مقسومة بين الناس بمقادير إلهية لا يعلمها إلا هو، ومقاديرها عند الله معلومة محسومة، ومن ثمّ فإن الفقر قد يكون أفضل لك من الغنى، وبالتالي هناك من العباد من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغناه لفسد عليه دينه، ومنهم من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقره لفسد عليه دينه.
مهما كان ما قسمه الله لك، كن به راضيًا مطمئًنا، لا ساخطًا ولا متلونًا، فإنه جل شأنه أشفق من الأم على ولدها، يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يُعطي المال من أحب ومن لا يُحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب».
اقرأ أيضا:
"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. هل سمعت هذا المعنى من قبل؟