أكثم بن صيفي بن رباح الأسيدي العمروي التميمي أشهر حكام العرب في الجاهلية على الإطلاق واحد المعمرين فيها وكان يلقب حكيم العرب كان أكثم سيد من سادات العرب شريفا حكيما وفارس شجاعا، ومستشارا خبيرا، أشار على قومه بني تميم في يوم الكلاب الثاني فأنتصروا نصر كبيرا على مذحج وحلفائها من أهل اليمن

ولم يكتف اكثم بتقديم المشورة فقط بل شارك في الغارت والمعارك والأيام مع قومه وخرج في وفد بني تميم والعرب إلى ملوك فارس وكان كل العرب تتقاضى عند أكثم بن صيفي ولاترد حكمه لشرفه ونزاهته وحكمته وأكثم كان كاتب خطيب كانت الملوك تكاتبه وتبادل معهم الرسائل التي تحمل في سطورها الحكمة والنصيحة ومن هؤلاء ملك هجر، وملك نجران، وكسرى وغيرهم من الملوك.

من هو أكثم بن صيفي ؟

وكانت من أبرز مآثره مشاركته في وفد العرب إلى كسرى عندما أستنقص الفرس من شأن العرب فخطب أمام كسرى وأبهره بفصحاته وحكمته وقد عاش هذا الرجل ونشأ بين أفراد قبيلته وولد في قبيلة بني أسيد أحد قبائل بني تميم التي أشتهرت بالحكمة والشرف وتعد قبيلة تميم من أكبر وأشهر قبائل العرب في الجاهلية وأشدها بأس وقوة وأمتازت بمكانة عالية لدى القبائل العربية الأخرى لكثرة عدد أفرادها حتى أمتلأت منهم البلاد وهي قبيلة مضرية أنتشرت في مناطق واسعة وكبيرة

وعندما بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان في ذلك الوقت شيخا كبيرا أرسل إلى مكة وفد من قومه فيهم أبنه ورجلان من تميم ليأتوه بخبر النبي الجديد فلما عادو بخبر أثلج صدر أكثم بن صيفي جمع قومه وخطب فيهم يحثهم على اتباع النبي الجديد فخرج قاصد مكة وتبعه مئة من قومه، فلما كان في الطريق قبل مكة جهد أكثم من شدة العطش ونفاد الماء وأشهد قومه أنه أسلم وأوصاهم بإتباع النبي ثم توفي .

اظهار أخبار متعلقة

وهنا أنزل الله فيه قرآنا حسب اجتهادات عدد من المفسرين وقال سبحانه وتعالي :"وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"

من أبرز مأثر اكثم بن صيفي كانت تعداده لمآثر النبي صلي الله عليه وسلم وتأكيده ان صفات ومآثر محمد صلي الله عليه وسلم لا تليق إلا بنبي حيث بدأت القصية حينما كان  أبو طالب بن عبدالمطلب بن هاشم  يطوف بالبيت ومعه النبي .

اكثم ومآثر النبي

وكان النبي ساعتها في عمر الرابعة عشرفرأه أكثم بن صيفي فخاطب عم النبي بالقول : ما أسرع ما شب    أخوك يا أبو طالب فقال : أنه ليس أخي بل ابن أخي عبد الله فقال أكثم إبن الذبيح فقال أبو طالب : نعم فأخذ أكثم يتأمله ثم قال: ما تقولون في فتاكم هذا يا ابا طالب

وهنا علق أبو طالب علي كلام حكيم العرب بالقول  : إنا لنحسن الظن به ، وإنه لحىٌ جزي، سخىٌ وفى قال : أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب قال : إنه ذو شدةٍ ولين ، ومجلس ركين ، ومفضلٍ مبين قال : أفغير ذلك يا ابن عبد المطلب؟

أبو طالب استمر في الرد علي اسئلة بن صيفي قائلا  : إنا لنتيمن ُ بمشهدهِ ، ونلتمس ُ البركة فيما لمس بيدهِ قال : أفغير ذلك يا إبن عبد المطلب فقال : إن فتىً مثلهُ حرىٌ به أن يسود ، ويتحرف بالجود فقال أكثم : أما أنا فأقول غير ذلك ..

اظهار أخبار متعلقة

وهنا تبني ابن صيفي زمام المبادرة فقال أبا طالب :  قل يا حكيم العرب ، فإنك نفاثُ غيب  وجلاءُ ريب وقال أكثم : ما خلق لهذا ابن أخيك ، إلا أن يضرب العرب قامطة ، بيدٍ خابطة ، ورجل لابطه ، ثم ينعق بهم إلى مرتعٍ مريع ، وورد تشريع ، فمن إخرورط إليه هداه ، ومن إخرورق عنه ارداه

وما إن عاد أكثم بن صيفى إلى أبنائه ، حتى قص عليهم ما رأى فى مكة ، ولقائه برسول الله وهو في الرابعة عشرة من عمره وقال والله إنه لنبي ، فإن خرج وأنا فيكم فإني ناصره، وإن خرج بعد وفاتي فعليكم اتباعه والمثول لأمره وما إن بعث النبي صلى الله عليه وسلم حتى خرج إليه أكثم مع اولاده ، وقد كان فى ذلك الحين طاعناً فى السن  فوافته المنية وهم في الطريق.

اكثم بن صيفي والبشارة بالجنة 

ووسط هذه الأجواء الصعبة خاطب ابن صيفي ابناءه قائلا: دعوني وانصرفوا ، فالحقوا برسول الله للطير أو للدود ، فإنهما يستويان فلما وصلوا إلى رسول الله بادرهم صلى الله عليه وسلم وقال : الآن دفن أباكم ثم نزلت فيه أية .. ..

وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِه ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا