يدور بأذهان الكثير منا أنه يتمنى أن يكون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ويعيش مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
هل وجود الرسول صلى الله عليه وسلم حتمي للدلالة على الطريق الصحيح؟ أي: هل من أجل أن نعرف الطريق الذي يريد الله عز وجل منا أن نمشي فيه أن يكون الرسول بيننا؟
الجواب:
-إذا كان حتميا فلا أمل في الوصول، لأنه صلى الله عليه وسلم قد مات ولن يعود إلى يوم القيامة، وإذا لم يكن حتميا فهناك أمل في أن نصل إلى ما وصل إليه الصحابة، وتعالوا بنا لنرد على هذا السؤال بهدوء، ونرى ما هي الإجابة عليه؟
- ثم ما أدراك أنك إذا كنت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أنك تتبعه؟ فقد كان هناك آلاف من المشركين الذين كانوا معاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك حاربوه عليه الصلاة والسلام، وكذلك فقد كان هناك آلاف من المنافقين عاشوا في المدينة، وصلوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه مباشرة، ومع ذلك ما آمنوا به.
- أيضا ما أدراك أنك كنت ستتغلب على فتنة ترك دين الآباء، وفتنة اتباع نبي من قبيلة أخرى، وفتنة المحاربة من أهل الأرض أجمعين، وفتنة التعذيب والتجويع والهجرة؟
- اعلم أن ما اختاره الله عز وجل لك هو الأفضل، لذا لا يقبل من المسلم أن يتعلل بغياب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه لا يفعل مثل الصحابة، بل يكون حاله وفهمه كفهم ثابت بن الدحداح رضي الله عنه وأرضاه، وأعظم منه كان موقف أبي بكر.
حقائق ومسلّمات:
-بداية لا ينكر أحد أهمية وجود النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجيل الأول، بل لا يكون هناك دين من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يتلقى عن رب العالمين سبحانه وتعالى، ثم إنه كان القدوة الكاملة الحسنة في كل شيء لكل المؤمنين، قال تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".
- اسأل نفسك الآن؟ هل اختفت القدوة النبوية من حياتنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
- أبدا، فما زالت سنته وطريقته وكلماته حية بين أظهرنا، وستظل حية إن شاء الله إلى يوم القيامة، وقد أنكر الله بشدة على أولئك الذين فتروا عن العمل، عندما غاب عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول سبحانه تعليقا على غزوة أحد: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين".
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالصحابة وموت النبي:
هذه الآية نزلت عندما أشيع يوم أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، وعند ذلك أحبط بعض الصحابة فجلسوا في أرض القتال، وفقدوا كل حمية للقتال، وفقدوا كل رغبة في النصر، وكل أمل في الحياة، والحياة بالنسبة للصحابة في الأرض ولو ساعة واحدة مع الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من الخلود في الأرض بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت مصيبة كبيرة جدا فقدان الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت المصيبة على الصحابة أشق بكثير من المصيبة علينا؛ لأنهم عاشوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخالطوه وتعاملوا معه وصلوا خلفه واستمعوا لحديثه، عاشوا حياة كاملة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك قيل: قد قتل صلى الله عليه وسلم، إنها مصيبة عظيمة جدا، ومع عظم هذه المصيبة لم يعذرهم ربهم سبحانه وتعالى في عدم العمل بنفس الحمية حتى مع المصيبة الثقيلة.
واعتبر أن ما فعله هؤلاء الصحابة كان قصورا في الفهم يستحقون عليه اللوم الشديد والتهديد المرعب، فقال تعالى: "ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا".