اعلم أن المقصود من الصيام إمساك النفس عن خسيس عاداتها، وحبسها عن شهواتها، وفطامها عن مألوفاتها، فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر أعمال العاملين.
كما قال الله تعالى فى الحديث الإلهى الذى رواه مسلم: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لى وأنا أجزى به».
وقفات إيمانية:
- أضاف الله تعالى الصيام إليه إضافة تشريف وتكريم، كما قال تعالى: ناقة الله مع أن العالم كله له سبحانه.
- وقيل: لأنه لم يعبد غيره به، فلم يعظم الكفار فى عصر من العصور معبودا لهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود وغيرها.
- واعترض بما يقع من عباد النجوم وأصحاب الهياكل والاستخدامات فإنهم يتعبدون لها بالصيام.
- وأجيب: بأنهم لا يعتقدون أنها فعّالة بأنفسها.
- وقيل: لأن الصوم بعيد عن الرياء لخفائه، بخلاف الصلاة والحج والغزو وغير ذلك من العبادات الظاهرات.
- قال الإمام ابن حجر فى فتح البارى: معنى النفى فى قولهم «لا رياء فى الصوم» أنه لا يدخله الرياء بفعله، وإن كان قد يدخله الرياء بالقول، كمن يصوم ثم يخبر بأنه صائم، فقد يدخله الرياء من هذه الحيثية، فدخول الرياء فى الصوم إنما يقع من جهة الإخبار، بخلاف بقية الأعمال، فإن الرياء يدخلها بمجرد فعلها.
-للصيام تأثير عجيب فى حفظ الأعضاء الظاهرة، وقوى الجوارح الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب للمواد الفاسدة، واستفراغ المواد الرديئة المانعة له من صحتها، فهو من أكبر العون على التقوى، كما أشار إليه تعالى بقوله: "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
- وقال- صلى الله عليه وسلم- كما فى البخارى-: «الصوم جُنّة» ، هى بضم الجيم، الوقاية والستر، أى: ستر من النار. وبه جزم ابن عبد البر، وفى النهاية: أى يقى صاحبه مما يؤذيه من الشهوات، وقال القاضى عياض: من الآثام.
وقد اتفقوا على أن المراد بالصيام هنا صيام من سلم صيامه من المعاصى قولا وفعلا.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟فائدة:
وقد اختلف: هل الصوم أفضل أم الصلاة؟ فقيل الصوم أفضل الأعمال البدنية، لحديث النسائى عن أبى أمامة قال: أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، مرنى بأمر آخذه عنك قال: «عليك بالصوم فإنه لا عدل له» ، والمشهور تفضيل الصلاة، وهو مذهب الشافعى وغيره، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة».