يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: « وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ » (فاطر:14)، فالله هو الخبير الذي يعلم بواطن الأمور وظواهرها، ولا يخفى عليه شيئًا في الأرض ولا في السماء، فالله سبحانه وتعالى خبير بكل شيء، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، وفي ذلك يقول العلماء: هناك علم سطحي وعلم عميق وعلم مستنير.
وهناك علم آخر قد لا يكون في طوق البشر وهو العلم بأصول الأشياء وروابطها في هذا الكون الفسيح وعلاقتها مع الأشياء الأخرى ، والله سبحانه وحده يعلم هذا بكل مستوياته فهو خبير لما يشاء، قال تعالى: « لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » (الأنعام:103).
يحيط بكل شيء علمًا
فالله عز وجل يحيط بكل شيئًا علمًا، قال تعالى يؤكد ذلك: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» (الطلاق 12)، فالإنسان البشري حينما يصل لعلم ما، يتصور أنه وصل إلى ما لا يمكن الوصول إليه، ذلك أن عقله البشري الضحل صور له ذلك.
ومن ثم فإن إحاطته هذه تتناسب مع قصوره البشري فما بالكم بمن علم بكل شيء ، فما بالكم بمن سيطر على كل شيء، فما بالكم بمن خلق كل شيء ، وكان على كل شيء قديرا ، إنه إذن خبير على مستوى آخر يليق بربوبيته وألوهيته وعظمته سبحانه وتعالى، ولمّ لا وهو الذي قال: «وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ » (الأنعام:18).
اقرأ أيضا:
7ثمار يجنيها العبد المؤمن متي كان مخلصًا لله في قوله وفعله .. حفظ ورعاية الله وتجنب وساوس الشيطان أبرزهازيادة في العلم
الإنسان قد يعلم بعض الأمور الدنيوية، لكن الله هو الخبير، والخبير هو الذي يخبر الشيء بعلمه لكن الخبرة أبلغ من العلم لأنها علم وزيادة ، فالخبير بالشيء من علمه وقام بمعالجته وبيّن خصائصه وجربه وامتحنه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألمّ بخصائصه اللصيقة ووصفه على حقيقته ، فالعلم نظري والخبرة عملية، ومن ثمّ على العبد أن يعي يقينًا أن الله مطلع عليه في كل أوقاته، ولا يخفى عليه من أمره شيء، فيجاهد نفسه ليطابق باطنه ظاهره، فترتفع نفسه فوق المعاصي.
في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم سألها عن سبب تتبعها له عندما خرج لزيارة المقابر في البقيع؟ فقالت: لا شيء قال: «لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير»، لأن الله هو العالم بحقيقة ما تخفيه الصدور.