عزيزي المسلم، حتى يخفف الله ألم البلاء عنك: أعلمك سبحانه أنه هو المُبلي، ولِيسليك عما يؤذيك ؛ جعل أشد الناس بلاءً: أحب خلقه إليه، فمن شدد مولاه عليه في البلاء، فلشدة حب الله له، فيزداد العبد حسنات ومقامات ، أو يتجاوز له عن سيئات ودركات.
فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالامثل، وهذا حق أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال في الحديث: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط»، وهذه لاشك بشرى للمؤمن، إذا ابتلي بالمصيبة فلا يظن أن الله سبحانه يبغضه، بل قد يكون هذا من علامة محبة الله للعبد، يبتليه سبحانه بالمصائب، فإذا رضي الإنسان وصبر واحتسب فله الرضا، وإن سخط فله السخط.
المؤمن دائمًا مبتلى
القاعدة تقول إن المؤمن دائمًا مبتلى، وما ذلك إلا لأن أمره دائمًا خير، فهو في كل الأحوال راضٍ على مصيره، ولم يتحرك أبدًا للعكس، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
ولكن ليعلم الجميع أن بلاء المؤمن في أمر الدنيا وليس في الدين، ومن ثم فإنه عندما يصبر ويحتسب يرفع عنه البلاء ويعوضه الله خيرا منه، والله تبارك وتعالى عندما يجري على العبد قضاءه بما لا يرضاه العبد مثل، أن يحرمه من الولد، أو يبتليه بالفقر، أو الأمراض والآفات.
فلا يعني ذلك أنه تعالى ساخط على ذلك العبد المبتلى، بل قد يكون ذلك لتكفير ومحو الذنوب التي لا ينفك عنها الإنسان غالباً، قال تعالى يوضح ذلك: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» (الشورى:30).
تأكيد البلاء
أيضًا على كل مسلم أن يتأكد يقينًا أنه لابد أن يتعرض لبلاء ما في حياته، لكي يختبر الله عز وجل قوة إيمانه، ويميزه عن غيره، قال تعالى: «الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ» (العنكبوت:2).
وهذا استفهام استنكاري ومعناه، أن الله تعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة».
اقرأ أيضا:
هل يقف الإسلام وراء جرائم الدفاع عن الشرف؟ وما هي ضوابط إقامة حد الزنا؟