(والنبي)، نسمعها كثيرًا هذه الأيام، فنرى البعض يوقفه ويقول له لا تحلف بالنبي، ولا تقسم إلا بالله عز وجل، وهو لا يفهم أنه لا يقسم أو يحلف، وإنما هو (يتوسل) بالنبي، فهل يجوز لنا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، والإجابة أنه بالفعل يجوز التوسل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وذلك في قول جمهور الفقهاء المالكية والشافعية ومتأخري الحنفية والمذهب عند الحنابلة كأن يقول العبد: «اللهم أني أسألك بنبيك محمد أو بحق نبيك محمد أو بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم»، فهنا لا حرج، لكن شرط ألا يتعدى الأمر القسم باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يجوز القسم إلا بالله عز وجل.
توسل مشروع
إذن التوسل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، مشروع وقد أجازه الإمام أحمد، كما أنه لم يثبت عن السلف في القرون الثلاثة مخالفة الإمام أحمد في هذا القول فصار إجماعًا، فإن ثبت أن أحدًا من المعتبرين من أهل القرون الثلاثة خلاف قول الإمام أحمد فلن يزيد ان يكون إثبات للخلاف في التوسل لا المنع من التوسل.
ويرى الشوكاني جواز التوسل بجاه الصالحين مطلقًا، استدلالا بحديث الأعمى كذلك، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقول في دعائه: «اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك»، والراجح أن التوسل بالحق والجاه من البدع، فإن الصحابة رضي الله عنهم لما أجدبوا توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما أي بدعائه، فلو كان التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه وحقه جائز لما عدلوا عنه مع شدة حرصهم على الخير، وأما حديث الأعمى فيحمل على أنه أمره بالتوسل بالنبي أي بالإيمان به وتصديقه.
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالتوسل بالله
أيضًا في الدعاء على المسلم أن يلح بالتوسل بالله عز وجل، فهو الذي بيده ملكوت كل شيء، كأن يقول الإنسان، «اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم.. بأنك الجواد الكريم، اغفر لي.. ارحمني.. اهدني سواء السبيل، ونحو ذلك؛ لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة، كما قال الله سبحانه: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (غافر:60).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» (البقرة:186) فيما يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة»، ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: «ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله! إذن نكثر، قال: الله أكثر».