اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىشملت الأخلاق في الإسلام جميع جوانب الحياة التى يتعامل فيها المسلم مع نفسه ومع غيره ومع ربه.
وان كان الشائع لدى الكثيرين أن الأخلاق حينما تطلق يراد بها ما ينظم حياة الناس وتعاملاتهم مع بعضهم فقط، وهذا الجانب وإن كان شائعا فإنه مهم جدا ولا ينبغى تجاهله أو التقصير فيه لانه يعكس صورة المسلم الحق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الدين المعاملة.
من جانبه بين د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية كيف راعى الاسلام هذا الجانب من الأخلاق واهتم به حيث ذكر هناك مظاهر للاهتمام الإسلام بهذه الناحية، ومنها ما يلى:
حماية الحياة الخاصة فى الإسلام:
وبالنسبة لمجموعة الآداب الأخلاقية والسلوكيات المحققة للتعايش الكريم في إطار أخلاقي إنساني ، فإن صيانة الحياة الخاصة داخل البيوت وعند إتيانها يعدّ من أهم هذه الآداب، مراعاة لحرمة البيوت والخصوصيات الإنسانية .
فعن عبد الله بن مسرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول السلام عليكم" .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذنك فحذفته "أي رميته" بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح".
وعن عمر بن سعيد الثقفي أن رجلاً استأذن على النبي قال "أألج!" أي أأدخل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه "أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له ـ السلام عليكم أأدخل ! فسمعها الرجل فقال : السلام عليكم ، أأدخل ! فأذن له النبي فدخل" .
وأضاف " عويس" أنه تأكيداً من الإسلام على صيانة الحياة الخاصة؛ وضعت الحدود في الجرائم الاجتماعية، وشددت تشديداً يتناسب مع صيانة حياة كل فرد ، وماله وحرماته .
الشورى :
واضاف " عويس" : تأتي الشورى ركناً من أركان التضامن بين أفراد المجتمع الإسلامي ، مسلمين وغير مسلمين، فالوطن؛ بل والمجتمع الإسلامي تجدّ فيه أمور وأحداث، وتطرح على ساحته مشكلات، وتواجهه صعوبات ... إلى غير ذلك مما يتطلب الحل والعلاج حلاًّ نابعاً من ضمير الجماعة الوطنية أو الإسلامية بكل أطيافها، وممثلاً لفكرها وإرادتها الواعية ... وصولاً إلى المصلحة العامة للوطن أو للدين أو الحضارة .
وهذا هو ما أرساه الرسول الكريم في مبدأ الشورى، الذي يتبلور في إطاره الحل الأمثل، والعلاج السليم لما يواجه المجتمع من مشكلات ومصاعب متجددة عبر الزمان، ومختلفة عبر المكان .
وفي هذا المبدأ بين الرسول الكريم، جملة من المسئوليات التي تقع على عاتق الحكام والمحكومين، فوضع أساساً قيماً لمسئولية رجال الحكم أمام الأمة فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ، ويسخط لكم ثلاثاً ، يرضى لكم أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه أمركم"، وقال أيضاً : "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشكوا أن يعمهم الله بعقاب منه" .
وكذلك وضع الرسول الكريم نظاماً للمسئولية وكيف يؤدي رجل الشورى واجب النصح، وتقديم ما يمكن أن يطرأ على غيره في ضوء مراعاة مقتضيات الأحوال والظروف .
كما وضع النبيّ (للبيعة) التي تنعقد لشخص يُصبح خليفة، أو حاكماً، أو رئيساً للدولة الإسلامية، شروطاً لابد منها لكي يتحقق الغرض منها، فليست الإمارة في مجتمع الإسلام مغنماً يرجى نهبه، أو مطمعاً يرجى الانفراد به، وإنما هي مسئولية و"أمانة" تأتي يوم القيامة خزياً وندامة إلا من أخذها بحقـّها، وأدى الذي عليه فيها.
ولقد كان الرسول الكريم في تطبيقه لمبدأ الشورى قولاً وعملاً خير مترجم لآيات الذكر الحكيم : {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} ، وقوله تعالى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} .
وبالشورى يتحقق لون من التساند والتضمان الفكري والنفسيّ والمعنويّ ... وبما أن التكافل في الإسلام مادي ومعنوي .. فإن الشورى تحقق ـ إلى جانب التكافل المادي ـ التكافل المعنوي ... القائم على التضامن الحقيقي العملي، وعلى التواصي بالخير والحق.