يشكو كثير من الناس للأسف، من أنهم وقت الشدة لا يجدون من يستندون عليه، فيجلسون في غم وهم كبير، يتصورون أن الجميع تخلى عنهم، مع أن لو كل واحد منهم تريث وتمهل قليلا، لوجد أنه بالأساس سبق واحتاجه أحدهم فتأخر، فكانت النتيجة أنه حينما احتاج إلى الناس لم يجد منهم أحد.
فقد صح عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف»، وتعليقًا على ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «صاحب المعروف لا يقع، فإن وقع وجد متكئًا»، أي أن الله لا يمكن أن يترك عبده الذي يساعد الناس أن يقع في هم ولا ينقذه الله.. فإنما مثل هؤلاء يسيرون بنور الله.
لا يخزيك الله
لو تدبرنا قصة نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، سنجد أنه كان الأكثر مساعدة للناس قبل البعث، فكان خلقه التعاون ويسعى على الأرملة والمسكين، وقد لخصت أمنا خديجة رضي الله عنها، صنائع المعروف التي تقي مصارع السوء، بقولها لنبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم حينما أتاها خائفًا يرتعد من مشهد الوحي الذي تنزل عليه من الله عز وجل: «أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق»، نعم فالله لا يمكن أبدًا أن يخذل عبده الذي يتعاون مع الناس، بل سيكون هو بذاته العليا سانده ليس فقط في الدنيا وإنما في الآخرة أيضًا.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرفضل قضاء الحوائج
قضاء حوائج الناس من أعظم وأهم القربات إلى الله عز وجل، فقد حث الشرع الحنيف على نفع الناس، وقضاء حوائجهم، والسعي إلى تفريج كرباتهم، وبذل الشفاعة الحسنة لهم، تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء الألفة، وزيادة في روابط الأخوة.
قال تعالى: « لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً » (النساء: 114)، وقَال أيضًا سبحانه وتعالى: « مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا » (النساء: 859.
وهو ما أكدته السنة النبوية في أكثر من موضع، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حديث ابنِ عمر رضي اللهُ عنهما: أن النبي االأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».