خلق الله سبحانه وتعالى المجتمع، وأمر أفراده بالتعاون على البر والتقوى وما ينفع الناس ويعمر الأرض، ونهاهم عن الإثم والعدوان وما يضر الناس ويهلك الحرث والنسل، كما نظم الله سبحانه وتعالى العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لينتظم الأمر، وتستقر البشرية.
وتحدث الشرع الشريف عن الأمن السياسي المنظم للحكم في الإسلام، لرعاية شؤون الأمة في الداخل والخارج، وعلى إقامة المبادئ العليا كالعدل والمساواة في المجتمع، وعلى الحفاظ على كرامة الإنسان وحريته.
ودل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على أهمية العدل والتقوى، وتم تطبيقه في حياة الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين عبر تاريخهم.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]
وقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] وقال سبحانه: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».( )
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ)).( )
وبما أن الإسلام هو الدين الخاتم، ورسالة القرآن هو الكلمة الأخيرة من رب الناس إلى خلقه، فلقد ضمن حفظها وصونها من التحريف أو التبديل أو الضياع، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىوحفظ الله سبحانه وتعالى الدين ليعمل الناس بما جاء فيها من شريعة وأحكام تصلح أحوالهم ومعيشتهم، وحفظها سبحانه لتكون مصدرا يستمد منه الخلق هدايتهم ورشادهم فيما يعن لهم من مستجدات، ففي القرآن منهج يهدي الخلق إلى المعرفة والعلم ويهديهم لسبل الرقي والاحترام في النظرة إلى كل ما يحيط بالإنسان من مخلوقات، سواء في ذلك الجماد والحيوان والنبات والإنسان.
كما جعل القرآن هو كتاب هداية وهو أيضا حجة الله على خلقه، ولقد وجد المسلمون في دينهم سعة في الفهم والتفكر في متطلبات شريعتهم وأوامر قرآنهم، فحصل لهم من ذلك رحمة واسعة في معاشهم، فمهما تطورت حياتهم أو تغيرت مظاهر الحياة فإنهم يجدون في القرآن متسعا لجديد الفهم وجديد الهداية والرشاد التي تتناسب مع صالح الحياة.
وأرشدنا ربنا بالسير على صراطه المستقيم وعدم التفرق في السبل المختلفة، فقال سبحانه: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
والوحدة هي وحي الله إلى أنبيائه جميعهم وإلى متبعيهم من الأمم السابقة وأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ [الشورى: 13].