يقول أحد التابعين: مرّ بنا عبد الله بن مسعود ونحن بفي مكان "سرف" وهو يريد الحج، فأهدينا إليه إقْطا- لبنا مجفف- وسمنا ولبنا وطيرا جاءت بها الرعاة من مسيرة أربعة أيام.
فقال: وددت أني في موضع هذا الطير حيث لا أرى أحدا ولا يراني، ثم جلس يأكل وجلست آكل معه.
فلما فرغ من الأكل جعل يلحس الصحفة ويلعق ما فيها، فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، إن هاهنا من يكفيك غسلها، فقال: إن لعق الصحاف يعدل عتق الرقاب.
كيف تكون سيادة القوم؟
قال رجل من الأنصار: قال معاوية لعرابة الأوسي- أحد كرماء العرب-: بم سدت قومك؟
قال: كنت أعطي سائلهم، وأعفو عن جاهلهم، وأسعى في مصالحهم، فمن فعل مثل فعلي فهو مثلي، ومن زاد عليه فهو خير مني ومن قصر عنه فأنا خير منه.
أدب الحياة:
قال الأصمعي : وقف فتى بين يدي الحجاج، فقال: أصلح الله الأمير، مات أبي وأمي حامل بي، وماتت أمي وأنا رضيع، فكفلني الغرباء حتى ترعرعت، فوثب بعض أهلي على مالي فاجتاحه، وهو هارب مني ومن عدل الأمير.
فقال الحجاج: الله، مات أبوك وأنت حمل وماتت أمك وأنت رضيع وكفلك الغرباء، فلم يمنعك ذلك من أن فصح لسانك، وأنبأت عن إرادتك.. اطردوا المؤدبين عن أولادي.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟طالب مشاكس:
يقول السدي: كنت في مجلس الإمام مالك أكتب عنه، فسئل عن فريضة فيها اختلاف عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت.
فقلت: فما قال فيها علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود، فأومأ إلى حجبة منزله فلما هموا بي حاصرتهم وحاصروني فأعجزتهم، وبقيت محبرتي بكتبي بين يدي مالك.
فلما أراد أن ينصرف، قال له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته، فقال: اطلبوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إليّ فرفقوا بي حتى جئت معهم.
فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال لي: إن أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خلفت الأدب؟
قال: قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد، فقال: إن عليا وعبد الله لا ينكر فضلهما، وأهل بلدنا على قول زيد، وإذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبؤهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكره.