يعد شهر رجب، بابًا من أبواب الخير التي نستعد بها لشهر رمضان، فيشمر المؤمنون عن سواعدهم، من نفحات هذا الشهر الحرام إلى الشهر الكريم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يستقبل شهر رجب بالدعاء، بالبركة. عن أنس بن مالك أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».
ماذا كان يفعل النبي في رجب؟
أولاً: الصيام
شهر رجب وكذلك شعبان تهيئة لاستقبال شهر رمضان الكريم، لذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حريصًا على الإكثار من الصيام في رجب، ويدل على ذلك عدد من الأحاديث الشريفة المتواترة والتي تتفاوت درجاتها.
ومن بين هذه الأحاديث الشريفة ما رواه عثمان بن حكيم الأنصاري قال: سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب - ونحن يومئذ في رجب - فقال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم"، وقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم - بعد كلام طويل -: "صم من الحُرُم واترك" ثلاث مرات، وأشار بأصابعه الثلاثة، حيث ضمها وأرسلها.
ثانيًا: الدعاء
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل شهر رجب بالدعاء، فاستقبال رجب بالدعاء إلى الله والتوبة والاستغفار، وكذلك الإكثار من الصيام فيه من الأمور التي حثنها عليها النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من نفحات.
فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: "خَمْسُ لَيَالٍ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبَ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةُ الْعِيدِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ". رواه البيهقى فى "شعب الإيمان".
ثالثًا: العمرة في رجب
روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «إن رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب".
وقد فسر بعض العلماء بعض الأسماء التي سمي بها شهر رجب بما يلي:
1- رجب: لأنه كان يُرجَّب في الجاهلية أي يُعظم.
2- الأصم: لأنهم كانوا يتركون القتال فيه، فلا يسمع فيه قعقعة السلام، ولا يسمع فيه صوت استغاثة.
3- الأصب: لأن كفار مكة كانت تقول: إن الرحمة تصب فيه صبًا.
4- رجم: بالميم لأن الشياطين ترجم فيه: أي تطرد.
5- الهرم: لأن حرمته قديمة من زمن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
6- المقيم: لأن حرمته ثابتة لم تنسخ، فهو أحد الأشهر الأربعة الحرم.
7- المُعلى: لأنه رفيع عندهم فيما بين الشهور.
8- منصل الأسنة: ذكره البخاري عن أبي رجاء العطاردي.
9- منصل الآل: أي الحراب.
10- المبريء: لأنه كان عندهم في الجاهلية من لا يستحل القتال فيه بريء من الظلم والنفاق.
11- المقشقش: لأن به كان يتميز في الجاهلية المتمسك بدينه، من المقاتل فيه المستحل له.
12- شهر العتيرة: لأنهم كانوا يذبحون فيه العتيرة، وهي المسماة الرجبية نسبة على رجب(8).
13- رجب مضر: إضافة إلى مضر لأنهم كانوا متمسكين بتعظيمه، بخلاف غيرهم، فيقال إن ربيعة كانوا يجعلون بدله رمضان، وكان من العرب من يجعل في رجب وشعبان، ما ذكر في المحرم وصفر، فيحلون رجبًا ويحرمون شعبان(9).
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينهل لشهر رجب مزية على غيره من الشهور؟
ينبغي علينا ألَّا نخص شهر رجب إلا بما خصه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه شهر محرَّم يتأكد فيه اجتناب المحرمات لعموم قول الله عز وجل في الأشهر الحرم: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36].