الجنة خلقها الله تعالى لينعم به عباده الذين صبروا على الطاعة وعن المعصية ورضوا بقضائه والتزموا منهجه حتى الممات.
وهذه الجنة أعدها الله في أحلى حلة وأجمل صورة ووضع فيها من النعيم ما لا يتصوره عقل ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الجنة قبلة الصالحين في أعمالهم:
ولقد كانت وما زالت همة الصالحين متوجهة لنيل دخولها ويعملون من أجلها وتلهج ألسنتهم بالدعاء بدخولها والتمتع بها ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لرجل " كيف تقول في الصلاة؟ " قال: أتشهد، وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال صلى الله عليه وسلم: " حولها ندندن ".
التسابق للجنة:
والجنة على ما فيها من نعيم جاء وصفه في الكتاب والسنة مجال للتنافس في الخيرات وتختلف درجاتها باختلاف من ما يحصله العبد من الطاعات بإخلاص لله تعالى، داعيا عباده للتنافس
والتسابق إليها قال الله تعالى: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) } ( الحديد ).
وقوله تعالى: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } (آل عمران(133) ).
آخر من يدخل الجنة:
ومن الأحاديث الرائعة ما جاء من حوار بين الله تعالى وهو احكم الحاكمين وآخر من يدخل الجنة، ففي الحديث أن آخر رجل يدخل الجنة: " آخرُ مَن يدخلُ الجنَّةَ ، رجلٌ يمشي على الصِّراطِ ، فهوَ يمشي مرَّةً ، ويكبو مرَّةً ، وتسفعُهُ النَّارُ مرَّةً ، فإذا جاوزَها التفتَ إليها ، فقال : تباركَ الَّذي نجَّاني منكَ ، لقد أعطاني اللهُ شيئًا ما أعطاهُ أحدًا مِن الأوَّلينَ والآخرينَ ، فتُرْفَعُ لهُ شجرةٌ ، فيقولُ : أيْ ربِّ أدْنِنِي مِن هذهِ الشَّجرةِ فلأستَظِلَّ بظِلِّها ، وأشربَ مِن مائِها ، فيقولُ اللهُ : يا ابنَ آدمَ لعلِّي إن أعطيتُكَها سألْتَنِي غيرَها ؟ فيقولُ : لا يا ربِّ ، ويُعاهدُهُ أن لا يسألَهُ غيرَها ، وربُّهُ يعذرُهُ ، لأنَّهُ يرَى ما لا صبرَ لهُ عليهِ ، فيُدنيهِ منها ، فيستَظِلَّ بظلِّها ، ويشربَ من مائِها ، ثمَّ تُرْفَعُ لهُ شجرةٌ أُخرَى ، هيَ أحسنُ مِن الأُولَى ، فيقولُ : أيْ ربِّ أدْنِنِي من هذهِ ، لأشربَ من مائِها ، وأستَظِلَّ بظلِّها ، لا أسألُكَ غيرَها ! فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ألَم تُعاهِدْني أن لا تسألَني غيرَها ؟ فيقولُ لعلِّي إن أدنَيتُكَ منها تسألْني غيرَها ؟ فيُعاهدُهُ أن لا يسألَهُ غيرَها ، وربُّهُ يعذرُهُ ، لأنَّهُ يرَى ما لا صبرَ لهُ عليهِ ، فيُدنيهِ منها ، فيستَظِلَّ بظلِّها ، ويشربَ من مائِها ، ثمَّ تُرْفَعُ لهُ شجرةٌ عندَ بابِ الجنَّةِ ، هيَ أحسنُ من الأُوليَيْنِ ، فيقولُ : أيْ ربِّ ! أَدْنِنِي مِن هذهِ ، فلأستَظِلَّ بظلِّها ، وأشربَ من مائِها ، لا أسألُكَ غيرَها ! فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ألَم تُعاهدْني أن لا تسألَني غيرَها ؟ قال : بلَى يا ربِّ ، أدْنِنِي مِن هذهِ لا أسألُكَ غيرَها ، وربُّهُ يعذرُهُ ، لأنَّهُ يرَى ما لا صبرَ لهُ عليهِ ، فيُدنيهِ منها ، فإذا أدناهُ منها سمِعَ أصواتَ أهلِ الجنَّةِ ، فيقولُ : أيْ ربِّ أدخِلْنِيها ، فيقولُ : يا ابنَ آدمَ ما يَصريني منكَ ؟(أي يقطع المسألة بيني وبينك) أيُرضيكَ أن أُعطيَكَ الدُّنيا ومثلَها معها ؟ فيقولُ : أيْ ربِّ أتستَهزئُ منِّي وأنتَ ربُّ العالمينَ ؟ فيقولُ : إنِّي لا أستَهزئُ منكَ ولكنِّي على ما أشاءُ قادرٌ".
وهكذا جاءت الاحاديث متتابعة في وصف الجنة ونعيمة داعية عباد الله للإكثار من الطاعات والتنافس في الخيرات.