يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ » (الأعراف: 96)، والمعنى أن الله يمنح البركة لمن يشاء، والبركة أن يزيد الله فيما رزقك، أو يمنحه الفضل في عدم إنفاقه على في غير محله، فلا تمرض أو يمرض أحد أبناءك ولا تقع في بلاء ما، وإنما كل ما يأتيك يحفظه الله لك، سواء كان ذلك مالا أو صحة، أو غير ذلك من الأمور التي يحبها البشر.
غير أنه أمام هذه البركة غير المحدودة قد يقع الإنسان في خطأ ما فيمنع الله عز وجل عنه هذه البركة، وهو عدم الرضا بما قسمه الله له، فعن يونس حدثني أبو العلاء بن الشخير حدثني أحد بني سليم ولا أحسبه إلا قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن «الله تبارك وتعالى يبتلي عبده بما أعطاه فمن رضي بما قسم الله عز وجل له بارك الله له فيه ووسعه ومن لم يرض لم يبارك له».
تأمل وتعلم
تأمل حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكيف كانت كلها بركة، في كل شيء، وما هو تعمله عنه صحابته رضوان الله عليهم، ومن ثم وجب علينا أن نسير على درب وهدي هذا النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، وأن نعي كيفية الحصول على البركة، ومن ثم كيفية الحفاظ عليها، وما يحفظ الشيء إلى الرضا به وشكر الله عليه بكل تأكيد.
عن أبي عثمان قال: "قال عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: «جاء أبو بكر بضيف له أو بأضيافٍ له فأمسى عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء قالت أمي: احتبستَ عن ضيفك أوْ أضيافِك الليلة. قال: أَوَمَا عَشَّيْتِهِم؟ فقالت: عرضنا عليه أو عليهم فأبوا أو فأبى. فغضب أبو بكر فسب وجَدَّعَ، وحلف لا يطعمه. فاختبأت أنا، فقال: يا غُنْثر، فحلفت المرأة لا تطعمه حتى يطعمه. فحلف الضيف أو الأضياف أن لا يطعمه - أو يطعموه - حتى يطعمه. فقال أبو بكر: كأن هذه من الشيطان، فدعا بالطعام، فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا رَبَا من أسفلها أكثر منها. فقال: يا أخت بني فراس ما هذا؟! فقالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر قبل أن نأكل، فأكلوا وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه أكل منها».
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبربعد الموت
والبركة قد تستمر حتى ما بعد الوفاة الإنسان، طالما كان يحفظ الله، فمن المؤكد أن يحفظه الله، حيًا وميتًا، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفِّي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رفٍّ لي، فأكلت منه حتى طال علي فَكِلْتُه ففني»، أي أن بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم استمرت معها بعد وفاته، ولسنا بعيدين عنها، فقط علينا الرضا والشكر لله عز وجل، ننال كل البركة دون جدال.