أوتدري عزيزي المسلم، أن جزءًا كبيرًا من الحساب يوم القيامة سيكون على العنف الصامت.. والإيذاء النفسي.. والغل.. والحقد والحسد.. لذلك فإن من أهم أسباب دخول الجنة القلب السليم.. قال تعالى: «يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ 88 إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء 89).
فالقلب السليم، هو الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله، وهو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، ولا يتم له سلامته مطلقاً حتى يسلم من خمسة أشياء، كما يوضح العلماء: (من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض التجريد).
كيف أكون ذا قلب سليم؟
أما عن كيف تكون ذا قلب سليم؟، فعليك أن تستعين بالله تعالى ودعائه والتضرع إليه أن يرزقك قلبًا سليمًا، وعليك أن تدوام على مجاهدة النفس، فإنها صعبة المراس كثيرة التمرد، قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» (العنكبوت:69).
وأيضًا عليه محاسبة النفس على الدوام والنظر في الأعمال هل تصلح للقدوم على الله بها؟، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ» (الحشر:18)، فضلا عن الجدية في الالتزام وأخذ أوامر الشرع بالعزيمة، قال تعالى: «خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ» (البقرة:63)، ومصاحبة الأخيار الجادين والصالحين المشمرين، وتذكر الموت والحساب والجزاء، يقول سعيد بن جبير : «لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليَّ قلبي».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةسلامة الصدر
صاحب القلب السليم، فيما بينه وبين الناس، لا يعرف الغل أبدًا، قال الله تعالى: « وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ » (الحشر: 9- 10)، كما لا يعرف الحسد.
قال الله تعالى: « أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا » (النساء: 54)، ولا يعرف سوء الظن، ولا يعرف البغضاء والكراهية للمؤمنين، بل يحبهم، ويدعو لهم، فضلا عن أنه يكثر من ذكر الله، وتجنب الحرام، لأنه يفسد القلب.