فمن أكثر الأشياء التي تساعدك في تربية أبنائك، وتنشئتهم على إنجاز المهام الموكلين بها، في حياتهم، التحفيز واسترداد الحماسة مرة اخرى للقيام بواجبتهم، فالكثير من الآباء لا يطلب من أبنائهم القيام بوجباتهم إلا من خلال التلويح بالعقاب، فيتحول التكليف والعمل إلى شيء مكره لا يرتبط إلا بالعقاب.
وهو ماينعكس على أدائهم بالسلب، حيث اعتاد فيه بعض المربين والمعلمين على استخدام أسلوب التعنيف والتكبيت والتثبيط للهم وقتل المواهب و وأد القدرات وإشاعة جو من التشاؤم واليأس, ونسوا أن التشجيع هو الأصل في مجال التربية والتعليم , والمُعوَّل عليه لبناء شابناجح ومتفوق.
وإذا نظرنا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم في تشجيع أصحابه على إنجاز مهامهم، والعمل على النجاح، في طَرْق أبواب الخير والتسابق على أعمال البر، نرى كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بخلق الحافز لدى أصحابه.
فعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِى الصُّفَّةِ فَقَالَ ( أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِىَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِى غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطْعِ رَحِمٍ ) . فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ ( أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ ).
يكشف لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف تصل لقلوب أبنائك حينما تقوم بتكليفهم، فيربط بين التكليف وبين الحافز لخلق القوة لدى الطرف الآخر في الاهتمام بتكليفك له، والعمل على إنجازها بحب وليس مدفوعا بالعقاب.
فنحن إذا اقتدينا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقمنا بربط المهام بالحافز، كأن تقول لابنائك مثلا: " من يساعد والدته في تنظيف المنزل وله مكافأة، أو يكن معه أمه في الجنة؟ فوقتها سيتنافس الأبناءء على مساعدتها، لأن الأطفال يحبون الحافز دائما.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع أصحابه من الفقراء على تحصيل الثواب ويعلمهم كيف يلحقون بإخوانهم الأغنياء الذين سبقوهم في الأجر وذهبوا بالدرجات العلى حسب وصفهم , ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ , يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ . قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ ما إِنْ أَخَذْتُمْ به أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ...) .
اظهار أخبار متعلقة
ولم يكن في سؤال فقراء الصحابة أي شيء من حسد الفقراء للأغنياء على ما آتاهم الله من فضله أو أي اعتراض على قدر الله , بل كان مقصودهم السؤال عن عمل يقومون به يقابل ما يفعله أهل الدثور "الأموال الكثيرة" من الصدقة والإنفاق في سبيل الله الذي لا يجدونه , فكان في جواب النبي صلى الله عليه وسلم تحفيز لهم وللأمة جمعاء على ما يزيد الحسنات ويرفع الدرجات .
فلم يكن التحفيز النبوي مقتصرا على العام والجماعي كما في المثالين السابقين , بل طال التحفيز أفراد الصحابة وأعيانهم , مع ما في هذا النوع من التحفيز من الخصوصية التي يكون لها من الأثر الكبير في نفس المتلقي ما يمكن رؤية معالمها وتجلياتها بشكل واضح في قابل الأيام .
حديث أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسأل فيه الصحابي الجليل أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم محفزا له ومشجعا : ( لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ , أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ ) .
كانت كلمات النبي التحفيزية لها أثرها الواضح في نفس أبي هريرة رضي الله عنه , وقد آتت تلك الكلمات أثرها في قابل الأيام بالفعل , فكان أبو هريرة رضي الله عنه أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية للحديث , حتى أطلق عليه العلماء لقب " راوية الإسلام" .
كيف تحفز طفلك بأسلوب بسيط؟
- الوعد بالمكافأة: وهو أيضاً تهديد بالعقاب! فاستخدام نظام المكافأة يعمل على تحفيز السلوك الأفضل عند الطفل، لكن كن حذراً من مخاطر المكافآت المادية، واستخدم النماذج التي تركز على جهود الطفل وليس النتيجة، كذلك يجب أن تركز المكافآت غير المادية على تنمية الدافع الجوهري لقيام الطفل بمهمة ما.
- تنمية الدافع الذاتي من أجل العمل وليس بهدف المكافأة: قد تزيد المكافآت من الدوافع لكنها من النوع الخطأ.. لأنها دوافع خارجية وغريبة عما نحمله في داخلنا للعمل على مهمة ما، من ثم أن هذه الدوافع تستمر فقط عندما تكون المكافأة معروضة، والمزيد من هذا النوع من الدوافع الخاطئة لا يساعد الطفل على المدى الطويل.
- شجع طفلك وحفز لديه الدوافع الذاتية للقيام بأي مهمة: وعندما تخلق ظروفاً لتكون دوافع الطفل ذاتية ومستقلة، لن تحتاج بعد اليوم لمكافأة الصغير مرة أخرى، إلا إذا كانت المكافأة ضمن نظام مفاجآت؛ تكرم الطفل من خلالها على جهوده.