الرحمة بالحيوان مما يأمر به الإسلام ويدعو له، فلا يظن ظان أن أعمال الطاعات قاصرة على العبادة من صلاة وصيام وزكاة ونحوهم، بل تمتد إلى كل جوانب الخير، إن في الإحسان إلى الناس أو الحيوان.

وقد فرق الله بين قلب المؤمن وغيره، برحمته ولينه وعطفه، فالمؤمن ليس بقاس أو غليظ القلب، يهتز ويرتجف قلبه لأبسط المواقف، وربما تسبقه دموعه حين يرى حيوانًا ضعيفًا لا حول له ولا قوة يتألم من التعب، ويتضور جوعًا، فيسارع إلى إغاثته بلا تردد.

وفي الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عُذّبت امرأة في هرّة، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار؛ لا هي أطعمتها، ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".

وهذه امرأة بغي من بني إسرائيل دخلت الجنة بسبب رحمتها على كلب كاد يموت من العطش فسقته شربة ماء، كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، فسقته فغفر لها به".

وقد اهتزت منصات شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة لقصة الشاب المصري بلال عزيز راضي (27 عامًا)، الذي دفع حياته أثناء محاولته إنقاذ قطة دخلت "كشك كهرباء"، وفشلت في الخروج منه، دون أن يستجيب لمحاولات إثنائه عن ذلك من جانب شهود الواقعة.

اقرأ أيضا:

وقع الحادث الأليم في مدينة 15 مايو، جنوبي القاهرة، حيث كشفت تحريات الشرطة وأقوال الشهود وتفريغ كاميرات المراقبة بالمنطقة، أن المتوفى سمع صوت قطة عالقة داخل كشك للكهرباء، فقرر الدخول لاستكشاف الأمر ومساعدتها في الخروج خشية تعرضها للصعق الكهربائي، وعلى الرغم من اعتراض الحاضرين بصحبة الشاب على دخوله ومحاولة منعه، إلا أنه رفض الانصياع لكلامهم جميعًا، وأكد لهم أنها روح ولابد من الحفاظ عليها من أي مكروه.

ووفقًا لتفاصيل الحادث الذي أوردته صحف ووسائل إعلام مصرية، فإن الشاب المتوفى رد على محاولة الحضور منعه من دخول كشك الكهرباء لإنقاذ القطة بأنه في حالة حدوث مكروه للقطة فسوف يتحملون ذنبها جميعًا وقد يكونوا مشاركين في قتلها، لعدم الإسراع إلى مساعدتها وإنقاذها من داخل كشك الكهرباء.

ولم يمكث الشاب دخل الكشك سوى ثواني معدودة، حتى لفظت أنفاسه الأخيرة في الحال.

وقالت أسرة الشاب المتوفى في تحقيقات النيابة، إن الشاب طول حياته قلبه أبيض وطيب السمعة، وما حدث ليس بغريب عليه، وإنه عندما حاول إخراج القطة لم يعلم أن نهايته ستكون بدلًا منها، وإنما كان يحاول إخراجها بسبب استغاثتها، ونحتسبه شهيدًا من أهل الجنة.