يا من تسأل كيف بي أعرف صديقًا لي لسنوات طوال، ثم فجأة يتغير، ويذهب لحال سبيله، حتى أنه لا يسأل البتة عني، وتمر شهور وربما سنوات وهو في حاله بعيدًا عني، رغم أننا كنا أقرب الناس لبعضهما البعض؟.. والإجابة باختصار، ابحث عن احترامك له.. فالحكمة تقول: (إذا فُقد الاحترام.. فُقدت العلاقة).

الاحترام يعني تنظيم العلاقات بين الناس على الشكل الذي يجعلها تستمر، ويعني أيضًا وضع حدود تساعد هذه العلاقات على أن تتواصل دون عراقيل، سواء كانت هذه العلاقات في العمل أو في المنزل، أو بين الزوج وزوجته، أو حتى بين الأب والأبناء، فإذا ضاع الاحترام أو نقص، جاء بديلا عنه الفوضى في العلاقة، وهي أمور لاشك تعجل إنهاء هذه العلاقة مهما كانت قوتها.

قواعد التعامل 

الإسلام وضع بالأساس قواعد للتعامل بين الناس، وصنفها، بين الأصدقاء أو الأصحاب، وبين الأشقاء، وبين الأسرة الواحدة، وهكذا، فمن التزم بهذه القواعد لا يمكن أن يتخطى أسس الاحترام، وبالتالي ستستمر العلاقات قوية حتى يتوفى الله أحد الطرفين، ففي المدرسة ينبغي علينا احترام المعلم وتوقيره والتواضع له.

عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط».
كما يجب احترام الأكبر سنًا ومقامًا وقدرًا، وعدم التفوه (ولو عبر وسائل التواصل الاجتماعي) بما يعكر صفو هذه العلاقات، فقد قال جل وعلا يحثنا على الاحترام والطاعة: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » (النساء: 59).

اقرأ أيضا:

الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر

تربية الأبناء

الاحترام يبدأ تعلمه من المنزل، ومهما كانت منزلة الأب عليها أن يوجه أبناءه كيف يحترمون غيرهم، فهذا هارون الرشيد الذي حكم نصف العالم، يطلب من الإمام العالم الأصمعي أن يؤدب له ولديه وأن يعلمهما، وفي ذات يوم مر فرأى الأصمعي يغسل قدمه والذي يصب له الماء هو ابنه، ابن هارون هو الذي يصب للأصمعي الماء حتى يغسل الأصمعي قدمه.. طلب هارون الرشيد الأصمعي وقال له: إنما طلبناك حتى تعلم ولدي وأن تؤدبهما، وكان يجدر بك أن تأمر ولدي أن يصب الماء بيد، وأن يغسل قدمك باليد الأخرى.

بينما الآن نسمع من بعض الآباء وهو يعلم أبنائه كيف يتطاولون على أهل العلم، وهذا أمر من شأنه أن يقتل الاحترام في قلوبهم، فيصبحوا بعد ذلك لا يدركون قيمة الاحترام، فتضيع علاقاتهم بالناس أجمعين.