هل جربت يومًا أن تسلم أمرك كله لله عز وجل؟.. إن لم تفعل فحاول أن تجرب لأن الأمر يستحق، يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».
يريد أن يعلمنا كيفية التسليم الحقيقي لله، وأنه وحده سبحانه الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم المستقبل ، ويختار لنا المناسب بالتأكيد، بينما نحن قد نختار خطأ ونحب شيئًا هو شر لنا، والعكس صحيح.
والتسليم لله عز وجل أكبر دليل على حسن العبودية واليقين في الله عز وجل، قال الله تعالى: « وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا » (الأحزاب: 36).
الرضا بشرع الله
التسليم لله عز وجل، يتطلب الرضا بشرع الله وبقدر الله، واليقين بأن الخير بيد الله تعالى وحده، لكن لكي يحقق المؤمن التسليم الحقيقي لله عز وجل، لابد أن يحسن الظن بالله تعالى ويعلم أن الله عز وجل لم يشرع إلا الخير الأكمل، وأن قدره لعبده المؤمن هو خير، وعلى هذا يرضى ويسلم ويتبع كل ما أمره به الله في كتابه، ويهتدي بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله تعالى: « فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا » (النساء: 65)، فالتسليم لأمر الله تعالى هو الأساس الذي يرتكز عليه الإيمان، ومن توافرت فيه خصال المؤمنين وسمات الطائعين فاز بالنعيم والرضوان وجنة الخلد، قال تعالى: « وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ » (لقمان: 22).
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىروح الإسلام
لو تدبرنا جيدًا معنى التسليم، لعلمنا أنه يعني الإسلام في حد ذاته، وكأن التسليم لله عز وجل هو روح الإسلام، يقول الله سبحانه وتعالى عن نبي الله إبراهيم عليه السلام: «إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ» (البقرة:131).
ومن ثم فإن التسليم لله عز وجل، من أهم مبادئ الدين، فلا يكتمل إيمان امرئ مسلم إلا به، لأن عدم التسليم لحكم الله كفر ونفاق.
يقول سبحانه في وصف المنافقين: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً» (النساء:60-61).