"لا حول ولا قوة إلا بالله "أو الحوقلة كلمةٌ منحوتة من لا حول ولا قوة إلاّ بالله، وقد روي في معناها أقوال عديدة منها ما روي عن عبد الله بن عباس في معناها أي: "لا حول بنا على العمل بالطاعة إلاّ بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلاّ بالله" وهو ما لم يختلف كثيرا عن رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنهمل أنَّه قال في معناها أي لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمته، ولا قوة على طاعته إلاّ بمعونته
سيدنا علي بن أبي طالب تطرق إلي توضيح معني الحوقلة بالقول : "أنا لا نملك مع الله شيئاً، ولا نملك من دونه، ولا نملك إلاّ ما ملكنا مما هو أملك به منا وهو ما تكرر عندما سئل زهير بن محمد عن تفسير "لا حول ولا قوة إلاّ بالله» فقال: "لا تأخذ ما تحبّ إلاّ بالله، ولا تمتنع مما تكره إلاّ بعون الله".
وقد أجمع الفقهاء وأهل العلماء ان "لا حول ولا قوة إلا بالله " أنها كلمة استعانة بالله العظيم: ومن استعان بالله جل جلاله، فالله سبحانه يعينه على قضاء حوائجه، وجميع ما يصلحه. والاستعانة بالله من أفضل العبادات وأجلّها وتعرف منزلتها وعظم شأنها فقول "لا حول ولا قوة إلا بالله" يوجب الإعانة ولهذا سنها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذن: حي على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب "لا حول ولا قوة إلا بالله"
قول لا حول إلا الله يشكل نوعا من الإقرار بأنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، فقائلها يقر ويعتقد بأن الله وحده المدبر بهذا الكون المتصرف بحكمته ومشيئته فلا يقع فيه شئ إلا بإذنه ومشيئته، ، ومن يعتقد هذا في خالقه كان عليه لزاماً أن يؤلهه ويعبده ويقصده ويلتجئ إليه ولا يرجو أحداً سواه، ولا يدعو أحداً إلا هو، لأنه بيده التصرف التام وله الملك وهو على كل شئ قدير.
ومن الثابت أن قول ولا حول ولا قوة إلا بالله يقدم دليلا علي التوكل على الله وتفويض الأمور إليه، والاستسلام والإذعان له مع إظهار الذل والافتقار له سبحانه فهو الغني والعبد فقير إليه لا يملك من أمره شيئاً. ومما يدل على فضل "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وعلو منزلتها، ومما يرغب في الإكثار من قولها باللسان وإمرارها على الجنان أمور كثيرة، نذكر منها:
ولعظمة مكانة قول "لا حول ولا قوة الا بالله " فقد وعد الرسول صلي الله عليه وسلم من يرددها بالحصول علي كنز من كنوز الجنة: كما جاء في الحديث الذي رواه موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم، قال: وأنا خلفه وأنا أقول: قل، لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة: قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان له وأنه صانع
وفي تأكيد علي مقامها الرفيه فإن قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" يوجب الإعانة ولهذا سنها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذن: حي على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقال المؤمن لصاحبه: "ولولا إذا دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة ألا بالله"، ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شئ فقوله: ما شاء الله، تقديره: ما شاء الله كان فلا يأمن، بل يؤمن بالقدر ويقول لا قوة إلا بالله
الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف تحدث عن المكانة العالية لقول "لا حول ولا قوة إلا بالله " بعتبارها أساس العلاقة بينك وبين الله "لا حول ولا قوة إلا بالله"، التي تفيد حسن التوكل على الله، وأن تؤمن أنه لا يكون في كونه إلا ما أراد، فيحدث لك التسليم بأمر الله، سواء أكان أمرًا كونيًّا، فلا تهتز أمام المصائب والبلايا، أو أمرًا شرعيًّا، فلابد عليك أن تطيع ربك، وأن ترضيه، وأن تعود إليه.
فعندما ينظر إليه الله؛ بنظر التأييد، والمعونة، والعطاء، الله خلقك، وهو يحبك ويرحمك، وأرسل لك رحمة للعالمين، فالعلاقة بينك وبينه ليست مخيفة، بل هي مضيئة، منيرة، جميلة، الرهبة من الله من خلال حبه، وتعظيمه سبحانه وتعالى، فكن حيث ما أمرك الله.
العلاقة بينك وبين الله تحتاج إلى تغيير؛ لأن الإنسان ينسى، والذكر يجعلك قريبًا من الله، مستوعبًا لمعنى "لا حول ولا قوة إلا بالله"، "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" "الذاريات: 55".
ولهذا فقد أمرنا بالذكر وبالتذكير، "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله"؛ حتى تتذكر أنه: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن الأمر ليس بيدك، ولا من علمك وقدرتك، افعل وتوكل على الله، سترى نفسك تنسى بعض هذا، فَذَكِّرها وتوكل على الله، ودائمًا قُلْ: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن رسول الله ﷺ يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله من كنوز العرش».
من ثم فالإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله تجعلك تملك الدنيا، أن تملك حياتك أن تعرف كيف تسير بلا متاهة، فـ "لا حول ولا قوة إلا بالله" ليست كلمات ترص بجوار بعضها البعض، بل هي منهج حياة، ومنهج تغيير، فهيا بنا نُغَيِّرُ، ما بيننا وبين الله على حد "لا حول ولا قوة إلا بالله".