جاء الإسلام بتشريعات حكيمة تراعي كل الأبعاد النفسية والزمنية والمكانية بل إنها تعالج ما قد يحصل إن حصل..
مكافاة الغير من أخلاق الإسلام السامية:
ومن الملفت حرص الإسلام على رد الجميل من فعل لك معروفًا.. فليس معنى أن شخصا ما أسدى إليك نصيحة أو ساعدك أو حتى حمل لك البشرى أن تتنكر لفعله وتتجاهله ولا تكترث بما فعل معك من خير.
ففي السنة أن هؤلاء يشكرون لفعلهم ونجتهد في مكافأتهم حتى نرى اننا قد وفيناهم حقوقهم علينا؛ فقد جاء في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. وصححه الشيخ الألباني.
حكم رد الجميل:
وقد تكلم الفقهاء في حكم رد الجميل والمكافأة على المعروف فقالوا الظاهر أن المكافأة على المعروف مستحبة، فمن عجز عنها، فإنه يستحب له الدعاء لمن صنع له معروفا، ولم نقف على من قال بوجوب الدعاء هنا، ولا أنه يجب إسماعه لصانع المعروف.
ومعلوم أ هذا الخلق خير من اتصف به رسول الله الذي اجتهد في مكافأة كل من كان له يد عليه دل على هذا ما جاء في الحديث الشريف: "ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ ، ما خلَا أبا بكرٍ ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ ، ومَا نفَعَنِي مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِني مالُ أبي بِكْرٍ ، ولَوْ كنتُ متخِذًا خَلِيلًا ، لاتخذْتُ أبا بكرٍ خلِيلًا ، أَلَا وَإِنَّ صاحبَكُمْ خليلُ اللهِ"..
من هنا نفهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: ( مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه ، فَإِن لَم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم قَد كَافَأتُمُوهُ ) رواه أبو داود وصححه الألباني، وهذا الخلق دليل على حسن الخلق والذوق بألا تتجاهل من أحسن إليك بل تجتهد أن تعامله بمثل معاملته، قال تعالى: ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ).
أفضل طرق المكافأة:
طرق المكافأة كثيرة جدا غير محصورة يجمعها ضابط عام وهو أن تجتهد في إدخال السرور عليه بأي وسيلة ممكنة مشروعة بأن تهاديه أو تدعوه لطعام تقف بجانبه في محنة أو مسرة أو غير ذلك فإن لم تستطع فبالدعاء له ومن أفضل صيغ الدعاء لمن أدى إليك معروفا ما جاءت به السنة عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) رواه الترمذي .
وقولنا في الدعاء لبعضنا جزاك الله خيرا لها فضل كبير ولاذ ينبغي أن كثر من استخدامه؛ جاء في مصنف ابن أبي شيبة: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( لو يعلم أحدكم ما له في قوله لأخيه : جزاك الله خيرا ، لأَكثَرَ منها بعضكم لبعض )، وهذا أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقول لعائشة رضي الله عنها : ( جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا ، وجعل للمسلمين فيه بركة ) رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه ، وقالوا : جزاك الله خيرا . فقال : راغب وراهب ) . أي راغب فيما عند الله من الثواب والرحمة ، وراهب مما عنده من العقوبة، ومعنى " جزاك الله خيرا" أي أطلب من الله أن يثيبك خيرا كثيراً