أخبار

هل على الذهب الذي اشتريته لبناتي زكاة؟

تحذير: عدم غسل فرشاة الشعر قد يؤدي إلى تساقط الشعر والالتهابات

احذر تناول البطاطس التي تحتوي على هذه العلامة

"وجاهدوا في الله حق جهاده".. ماذا عن "جهاد النفس" العدو الأكبر؟

"روشتة نبوية" أطعمة وأشربة نهى عنها النبي

ما صور الإفساد التي نهى الله عن ارتكابها في الأرض؟ (الشعراوي يجيب)

الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر

موسى والخضر.. قصة أجابت على أصعب سؤال في الوجود.. كيف يعمل القدر ؟

من أكثر الناس قربًا له قبل الإسلام.. كيف أصبح أشد أعداء النبي سيد فتيان أهل الجنة؟

من هم الْأَعْرَاب ولماذا وصفهم الله بأنهم "أشد كفرًا ونفاقًا"؟

أصل الحياة.. لماذا ستُحاسب على إهدار الماء يوم القيامة؟

بقلم | أنس محمد | الاربعاء 29 مايو 2024 - 04:09 م

لا يجد حرجًا وهو على سريره، من إهدار هذه النعمة، وهو يغط في نومه هادئًا لا يحرك ساكنًا، ولا يرتجف له ضلع، أو يخشع له قلب، من أن يحاسب أمام الله يوم القيامة على ضياع هذه النعمة، فالكثير من الناس لا يهتم بالإسراف في الماء بفائدة أو دون فائدة، حتى أن بعضهم ربما يتجاهل تسريب صنبور المياه الذي يهدر عشرات بل مئات الأمتار من المياه في بيته وحده، كل ليلة نتيجة هذا التسريب، ولا يتوقف عن ذلك.

ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ


فما بالنا أن هذه العادة رما تكون هي متلازمة ملايين الأسر المسلمة كل يوم، والتي تفزع إذا تحول طبق الدش عن مداره الهوائي وضاعت معه قنوات الأغاني والأفلام والمسلسلات، فيتصلون بالفني لإصلاح الطبق على الفور، ولا يشعرون بأي ذنب في إصلاح صنبور المياه الذي يهدر هذه النعمة على الأرض.

 لا يهتم المسلم بأنه موقوف ومسؤول عن نعمة الماء يوم القيامة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح لك جسمك وأروك من الماء البارد"، وقال تعالى: "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر: 8]".

فالماء هو أصل النعمة وهو سر كل شيئ حي، قال تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)[الأنبياء: 30]، فحيثما وُجِد الماء وُجدت الحياة، وحيثما فُقد الماء كان الجدب والقحط والمجاعات.

والماء من نعيم الدنيا والآخرة؛ فقد قال الله -تعالى- عن الماء الطهور: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا)[الفرقان: 48-49]، وجعله -عز وجل- جائزة دنيوية لمن أقام شرعه: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)[الجن: 16].

اقرأ أيضا:

الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر

الماء شراب أهل الجنة


وكما جعل الله تعالى الماء شراب أهل الأرض، فقد جعله شراب أهل الجنة، ولا يعرف قيمة الماء إلا من حرم منها، فكم من دول تعرضت لمجاعات نتيجة فقدان المياه ونقصها، بل أن الحرب القادمة كما يقال هي الحرب على الماء، وهو ما يحدث جليا بين دولتنا مصر وبين أثيوبيا، والذي أصبح الحديث عنه محطة اهتمام كل مصري، بعد أن جفت الأراضي ونقص نصيب الفرد من المياه، بسبب بناء ما يسمى بسد النهضة.

فلماذا جعل الله سبحانه وتعالى الماء هو شراب أهل الجنة كما جعله شراب أهل الدنيا، فما هو سر هذه النعمة، التي جعل منها سر الوجود، يقول تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ)[محمد: 15].

السر يكمن في أن أمنية أهل النار قطرة من ماء الجنة: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ...)[الأعراف: 50].

 ويستمر حالهم -كذلك- حتى يساقون إلى النار؛ وفيها يشربون الحميم المغلي والمخلوط بعصارة أهل النار وأقذارهم، فيحيط بهم من كل جانب إضافة إلى ما هم فيه من ألوان العذاب الأخرى وصوره، كما قال سبحانه وتعالى: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)[الواقعة: 92 - 94]، (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)[الرحمن:43-44]؛ فيستغيثون ربهم وهم في ذلك الحال العصيب؛ فيغاثوا بما يشوه الوجوه والأبدان ويزيد العناء والأحزان، قال سبحانه: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ)[الكهف: 29].

وهذا الماء كما يقول أهل التفسير: "كالدم والقيح"، ولا شك أن المهل يجمع أوصاف الرذيلة كلها؛ فهو أسود منتن غليظ حار يشوي الكافر حتى يسقط جلد وجهه فيه، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بإسناده المتقدم في سرادق النار عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : "ماء كالمهل"، قال: "كعكر الزيت فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه".

فربما يكون هذا حالنا في الدنيا، كما سيحدث في الاخرة، فهناك من يبحث عن قطرة الماء لكي يروي بها عطشه، وفي الوقت الذي نهدر نحن هذا الماء على الأرض، ليل نهار، لمجرد أننا نتجاهل إصلاح صنبور المياه.

فانظر إلى عبد الله بن عمر لما شرب ماءا باردا فبكى واشتد بكاؤه فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله -عز وجل-: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)[سبأ: 54]، قال: فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئا إلا الماء البارد(رواه أحمد في الزهد).

فالصنابير التالفة تقطر ماءً ليل نهار في غير فائدة، ويغتسل الفرد الواحد بما يكفي عشرة أفراد يشربون منه لعشرة أيام، وفي الحدائق والمتنزهات تسيل المياه فوق حاجة الزرع والغرس، وحمامات السباحة التي يتبدد فيها كميات هائلة من الماء... يضيعون الماء ويهدرونه ويسرفون فيه ولا يدرون أنهم موقوفون ومسؤولون عنه يوم القيامة.

ولقد مر النبي -صلي الله عليه وسلم- بسعد وهو يتوضأ، فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟ "، قال: أفي الوضوء سرف؟، قال: "نعم، وإن كنت على نهر جار"رواه أحمد.

وأكد الإمام أحمد : "من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء"، وقال المروزى: "وضأت أبا عبد الله بالعسكر، فسترته من الناس، لئلا يقولوا إنه لا يحسن الوضوء لقلة صبه الماء"، وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى(إغاثة اللهفان، لابن القيم).

وانظر لما قاله القرآن عن المسرفين والمبذرين؛ من أن الله لا يحبهم: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأعراف: 31]، ومن أنهم إخوان الشياطين: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)[الإسراء: 26-27].

 ومع ذلك لا يرعوي أكثر الناس عن الإسراف في الماء، ولا يخشون يوما يحرمون فيه من قطرة ماء، فإن النعم تدوم مع الشكر، وتنزع بسبب الكفران: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7].

قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة: 68-70].

فبدون الماء لا يوجد إنسان ولا حيوان ولانبات، وقد قامت الحضارات على الماء، فقد كان البدو يرحلون بأنعامهم مواقع الماء والكلأ، ويقيمون فيها إلى أن تجف؛ فيرحلون منها إلى غيرها، فكانت مواضع المياه عامرة، كما كانت الصحاري الجافة خالية؛ إذ أن في الماء شراب الإنسان وقوام حياته، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا)[الفرقان:48- 49]، ويقول في موضع آخر: (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ)[الحجر: 22].

فلم يكن الماء مجرد شراب للكائنات فقط، بل به نبت كل شيء ومنه الشجر الذي يخرج منه الثمرات والبركات: (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ)[إبراهيم: 32]، (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ)[طه: 53، 54]، (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)[الذاريات: 22].

وقد كان الحسن البصري رحمه الله- إذا نظر إلى السحاب، يقول: "فِيهِ وَاللهِ رِزْقُكُمْ وَلَكِنَّكُمْ تُحْرَمُونَهُ بِخَطَايَاكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ".

ويقول رب -العزة والجلال- في كتابه الكريم: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)[النحل: 10-11].

الماء مصدر السعادة


والماء مصدر ابتهاج الإنسان وسعادته، وهو يرى اخضرار الأرض بعد هطول الأمطار وغشيان السيول عليها، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْض مُخْضَرَّةً)[الحج: 63]، ويزداد ابتهاجا بالنظر إلى ربيعها وحدائقها الغناء، كما وصفها الله بقوله: (فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ)[النمل: 60].

 ويلازم الماء عباد الله المؤمنين حتى دخول الجنة؛ فيجدون فيها الأنهار والعيون العذبة ذات الحسن والبهاء، يقول رب الأرض والسماء: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ)[محمد: 15]، وقال سبحانه: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ)[المرسلات:41].
وأخبر عن بعض أصناف الماء في الجنة؛ فقال: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا)[الإِنْسَان: 17- 18]، وقال أيضا: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا)[الإِنْسَان:6].

فجريان الماء وتدفق الأنهار نعيم آخر ومنظر ملفت وجمال مفضل لأهل الجنة وهم على أرائكهم متكئون ومتقابلون، قال الله: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا)[الزمر: 20].


الكلمات المفتاحية

الماء شراب أهل الجنة الماء مصدر السعادة ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled لا يجد حرجًا وهو على سريره، من إهدار هذه النعمة، وهو يغط في نومه هادئًا لا يحرك ساكنًا، ولا يرتجف له ضلع، أو يخشع له قلب، من أن يحاسب أمام الله يوم ال