تشمل الأحاديث النبوية الشريفة على وصايا عظيمة تضمن للمسلم السعادة في الدنيا إن طبقها وعمل بها وتملأ البركة حياته وتستقيم علاقاته ومعاملاته مع أهل بيته وأقاربه وجيرانه وكل الناس، كما تمهد هذه الوصايا للمسلم طريق السعادة في الآخرة والفوز برضوانه ودخول جنات النعيم.
ومن هذه الوصايا العظيمة أنه عن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشر كلمات ، قال : " لا تشرك بالله شيئا ، وإن قتلت وحرقت ، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا ؛ فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة ، وإياك والمعصية ؛ فإن بالمعصية حل سخط الله ، وإياك والفرار من الزحف ، وإن هلك الناس ، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت ، ( أنفق على عيالك من طولك ، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله " . رواه أحمد .
فيها دعوة إلى الثبات على التوحيد، وعدم الشرك، وأن ذلك أفضل وإن كان مكرها (وإن قطعت أو حرقت). قال ابن حجر الهيتمي: «شرط للمبالغة باعتبار الأكمل من صبر المكره على الكفر على ما هدد به.
ففيها الدعوة إلى المحافظة على الصلوات المفروضة وعدم تركها ومن تركها متعمدا فقد (برئت منه الذمة). جاء في النهاية: «فقد برئت منه الذمة» «أي: إن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاءة؛ فإذا ألقى بيده إلى التهلكة، أو فعل ما حرم عليه، أو خالف ما أمر به، خذلته ذمة الله تعالى.
ففيها أمر بالابتعاد عن شرب الخمر لأنه رأس الخبائث؛ لأن المانع من الفواحش هو العقل،ولذا سمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن إتيان الموانع، و بزواله عن الانسان فإنه يقع في كل فاحشة عرضت له. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: « اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تَعَبَّدَ، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني –والله- ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليَّ، أو تشرب من هذه الخمرة كأسا، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأسا، فسقته كأسا، قال زيدوني، فلم يُرِم حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها –والله- لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا ليوشك أن يُخرج أحدهما صاحبه.
فإنها تدعوا إلى بر الوالدين فيما لم يكن معصية ؛ إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ( وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما)، وفي رواية: (وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك) أي: امرأتك، أو جاريتك، أو عبدك بالطلاق، أو البيع، أو العتق، أو غيرهما (ومالك) بالتصرف في مرضاتهما. قال ابن حجر: «شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أيضاً، أي: لا تخالف أحداً منهما وإن غلا في شيء أمرك به، وإن كان فراق زوجة أو هبة مال.
ففيها نهي عن ارتكاب المعاصي والآثام والوقوع في أوحالها حتى لا ينزل على المسلم سخط الله وتنزع البركة من حياته وفي بيته، بل قد يحرم الرزق بسبب ذنوبه ومعاصيه.
ففيها النهي عن الإدبار والتولي يوم الازدحام للقتال (وإن هلكت وفر أصحابك) أي: ولو وصل بك الحال إلى أن تموت ويفر عنك أصحابك فلا تفر أنت. قال ابن حجر: «شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أيضا، وإلا فقد علم من قوله تعالى: ﴿الآن خفف الله عنكم﴾ أن الكفار حيث زادوا على المثلين جاز الانصراف.
ففيها الأمر بحفظ حق الأهل بالإنفاق عليهم (من طولك) أي: من فضل مالك، وفي معناه: الكسب بقدر الوسع والطاقة على طريق الاقتصاد والوسط في المعتاد.
ففيها الأمر بتأديب الأهل ووعظهم إلى ما فيه الخير والصلاح. قال أبو عبيد بن سلام: «في حديث النبي عليه السلام : «(لا ترفع عصاك عن أهلك). قال الكسائي وغيره: يقال: إنه لم يرد العصا التي يضرب بها، ولا أمر أحدا قط بذلك، ولكنه أراد الأدب.
ففيها حث نبوي على الثبات في ميدان الحرب والجهاد لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه والدفاع عن المقدسات وعدم الفرار من الزحف.
ففيها الدعوة إلى إنذار الأهل وتحذيرهم من مخالفة أوامر الله بالنصيحة والتعليم، وحملهم على الالتزام بمكارم الأخلاق.
اقرأ أيضا:
تعرف على أفضل الطرق لحياة طيبة خالية من الهموماقرأ أيضا:
لحظات عصيبة.. هذا هو ما يحدث عند سكرات الموت فكيف تهونها على نفسك؟