أوتدري أن التعرف على الله في حد ذاته طاعة، فحين تعرف أن الله قهار، فهذه طاعة عظيمة في حد ذاتها، لأن معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى، وصفاته من الطاعات العظيمة، التي تقرب العبد من ربه.. فحين تعرف أنه هو الذي قهرك وأن فعلك هذا لا يخرج عن سيطرته وهيمنته ولو أراد ما وقعت منك هذه المعصية..
ومن ثم فإن اعتقادك أن الله هو الذي فعل ذلك فيك مع توبتك إلى الله مما فعل ونسبة هذا الفعل لنفسك من جهة الكسب ونسبته إلى الله من جهة الخلق فإنما هذه لاشك طاعة ، ويتعرف المرء على الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته، وآلائه ونعمه، وأفعاله وحكمه وقضائه، وأمره ونهيه.
قال تعالى: « وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ » (البقرة: 255)، وقال أيضًا: « لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ » (الأنعام: 103).
الاعتراف بالذنب
ولكي تثبت أنك العبد المذنب، عليك بالاعتراف بذنبك من فوره، بأن تقول: «لقد قدرت عليَّ يا الله وأنا معترف بجريمتي وذنبي ، أنا العبد الخطاء المذنب مع أني أعلم أنك خلقت هذا فيَّ ، إنما خلقته بقهرك ولضعفي ومع ذلك لا أتجاوز حدودي يا ربي أنا عبد أستغفرك وأتوب إليك».
وهنا لابد أن تدرك أن اعتقادك أن الله قهار ومهيمن وأن الله يفعل ما يشاء ويختار وأن الله قد يجعله في طاعة وهذا بفضل الله وقد يجعله في المعصية وهذا بعدل الله والله عز وجل يمن على من يشاء، كل هذه أمور توصلك إلى الطاعة، وهو أمر لاشك مستحب، يحبه الله ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم.
إذن تعرف على الله لتسعد بحياتك، وتعيش قرير العين مرتاح البال، مهما كان وضعك المادي أو مستواك المعيشي، فهي غنى لمن كان فقيرًا، وعافية لمن كان مبتلى بالمرض، وأُنس لكل مهموم، وأمان لكل خائف، ونور للبصيرة.
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىتأمل الله في نفسك
تأمل الله في نفسك، ستجده في كل نواحي حياتك، فإذا تدبرت وتفكرت، اعلم أنك ف يحالة طاعة وعبادة لله عز وجل، طالما تقدره القدر العظيم الذي يناسبه، وتجله الإجلال الكبير الذي يستحقه، فتفكر وتدبر، وتعقل وتبصر وتسمع، فما فيك وما حولك خلق من خلقه، وما غاب عنك أعظم، وحاول مصاحبة أهل العلم كي يدلوك عليه سبحانه.
واسمع كلام السابقين عنه يقرب فهمك ويتهيأ قلبك لعرفته على أحسن ما يكون، واستعن به على معرفته بدعاء صادق خالص، خال من أي مانع للإجابة، وأيضًا داوم على ذكره، وحافظ على أوامره، واجتنب نواهيه، تسعد بالقرب منه، تعرف على الله يَعرفك أحوج ما تكون محتاجًا إليه، هكذا تصل لمرتبة من الطاعة لم يصل إليها من قبل إلا قليلون.