المتكبر شخص يرى نفسه أفضل من كل الناس بلا استثناء، ينظر إليهم من أعلى، وهو يتصور نفسه الأفضل، مقتديًا في ذلك بسلوك الشيطان الذي رفض الانصياع لأمر ربه بالسجود لآدم ظنًا أنه الأفضل.

وقي حياتنا، قابلنا شخصيات من هذا النوع، لكنهم في مسلكهم الغريب يبتعدون عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي وعلى الرغم من كونه أخير البشر على الإطلاق، إلا أن كان أكثر الناس تواضعًا على الإطلاق.

فقد كان خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، يغسل ثوبه و يرقع بردته ويحلب شاته ويخصف نعله .. بل أنه كان صلى الله عليه وسلم يأكل مع الخادم و يعود المريض و يعطي المحتاج .. ليس هذا فحسب، وإنما كان خير الأنام يصلي وحفدته يتسلقون ظهره وهو ساجد فيتركهم حتى إذا وقف حملهم واستمر في صلاته .

حنان متجسد

خير الخلق كلهم، كان الحنان والحب مجسدًا فيه، ولمّ لا وهو الذي أحب الإنسان والحيوان .. حتى النبات حنا عليه فكان يوصي بالشجر ألا يقطع، بل أنه صلى الله عليه وسلم، شمل حنانه الجماد فكان يقول عن جبل أحد .. " هذا جبل يحبنا و نحبه ".. وبلغ الأمر حد أن تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئا في حب و هو يقول "تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة ".

النبي وهو لاشك أعظم خلق الله كلهم، كان يكره التعظيم وكان يقول لأصحابه حينما يقفون له: « لا تقوموا لي كما تقوم الأعاجم يعظمون ملوكهم »، ولمّ لا وهو الكريم الذي وصفه أصحابه بأنه ينفق في سخاء من لا يخشى الفقر أبدا .. إذ أنه لم يثبت عليه أن أدخر درهما يومًا .. بل أنه حين مات كما هو معلوم، توفاه الله عز وجل و درعه مرهونة عند يهودي.

اقرأ أيضا:

"آن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟".. تعرف على قصة الكلمة التي أغضبت رسول الله

عاش كالمساكين

نبينا الأكرم صلوات الله وسلامه عليه، عاش كالمساكين، فقد عاش ولم يشبع قط .. كما أنه لم يذق خبز الشعير يومين متتالين .. و مع ذلك لم يكن يرفض الهدية تأتيه بالشهي من المأكل و الناعم من الملبس و لكنه يرفض أن يسعى لهذا العيش اللين أو يفكر فيه أو ينشغل به .. و لهذا كان يربي نفسه و يروضها على الفقر و الجوع والرغبات ، وما ذلك إلا ليكون المثل والقدوة لما أراده الإسلام من اعتدال ووسطية.. فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إمام المتواضعين.

روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه، أنه قال: «إن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت يا رسول الله، إن لي إليك حاجة فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها».