اللحظات الأخيرة من حياة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، هي الأكثر تأثيرًا على حياة المسلمين، حتى الآن، لأنه بوفاته عليه الصلاة والسلام، كأنه فتحت أبواب لم تكن مفتوحة من الصراعات والخلافات.
لذلك يجب أن نقف ولو قليلاً أمام هذه اللحظات لنعلم مدى تأثيرها ولأي مدى كانت سببًا في تغيير أمور كثيرة مازلنا نتحمل تبعاتها حتى الآن.
يروى أنه قبيل وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بأيام وفي أثناء مرضه، أمر صديقه المقرب سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالناس، فصلى بهم ثلاثة أيام.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: «مُروا أبا بكرٍ يُصَلِّي بالناس، قالتْ عائشة: قلتُ: إن أبا بكرٍ إذا قام في مَقامِك لم يُسمِع الناس من البُكاء، فمُرْ عُمر فلْيُصَلِّ. فقال: مُروا أبا بكرٍ فلْيُصَلِّ بالناس، فقالتْ عائشة: فقلتُ لحفصة: قولي إن أبا بكرٍ إذا قام في مَقامك لم يُسمِع الناس من البكاء، فمُرْ عُمَر فلْيُصَلِّ بالناس، ففعلتْ حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكنَّ لأنتُنَّ صَواحِب يوسف (أى فى إظهار خلاف ما فى الباطن)، مُروا أبا بكرٍ فلْيُصَلِّ للناس».
الساعات الأخيرة في حياة النبي
وفي الساعات الأخيرة من حياة خير الأنام صلى الله عليه وسلم، ازداد المرض عليه، فجعل يسأل أزواجه: يقول: «أين أنا غدًا، أين أنا غدًا؟»، ثم طلب أن ينتقل لمنزل السيدة عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، بينما كانت أم المؤمنين عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تنفث على نفسه، وتمسحه بيده رجاء البركة.
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالوداع الأخير
ومع اقتراب الوداع الأخير، ولما اشتد عليه الوجع، وأغمي عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «صبوا علي سبع قرب من سبع آبار شتى، حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم»، قالت: فأقعدناه في مخضب لحفصة، فصببنا عليه الماء صبًا، ثم جاءت اللحظات الحاسمة بأن ينقل إلى الرفيق الأعلى ويودع أصحابه.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله»، ومع النهاية كانت تتحرك شفتاه الكريمتين، فأصغت إليه عائشة رضي الله عنها وهو يقول: «مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيين والصِّديقين والشهداء والصالحين»، وهنا أجاب نداء ربه، وانتقل إلى الرفيق الأعلى ليترك أمته ولم ينقص لها أي شيء بعد اكتمال الدين الحنيف.