يقول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله: (لا تستوحشوا طريق الحقّ لقلة سالكيه)، لأنه من يطلع على سير الأنبياء السابقين عليهم السلام مع أقوامهم، يلاحظ أن الكثير منهم إن لم يكن جميعهم لاقى في بداية دعوته إعراض كبير من قومه، وعدم الاستجابة لداعي الله.
فالصدود عن دعوة الحق، إنما هو من تسلط الشيطان على الناس وتزيينه لهم الكفر وما هم عليه من الضلال، كما في قوله تعالى: « وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ»، ومن ثم علينا ألا نتبع خطوات أو طرق الشيطان مهما أغوانا، لأننا نعلم الغاية والهدف الأساسي والرئيسي، وهو طريق الله عز وجل.
ويبين الإمام ابن القيم رحمه الله أن هناك ثلاثة أبواب تصد الإنسان عن اتباع الحق فقال: «دخل الناس النار من ثلاثة أبواب: باب شبهة أورثت شكًّا في دين الله، وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعة الله ومرضاته، وباب غضب أورث العدوان على خلقه».
تجنب الإغواءات
ابتعد عن كل ما يتربص بك من شهوات وإغواءات، لأنك باختصار تسير في طريق اعتبارك مسلمًا مؤمنًا بالله، فتجد الشيطان يزين لك بعض الأمور ليبعدك عن طريق الحق، ويرمي بك في طريق الضلال، كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: « إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك، فعصاه وأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفَرَس في الطول، فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جَهد النفس والمال، فتُقاتل فتُقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال، فعصاه فجاهد».
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىوساوس الشيطان
لكن عليك أن تعلم يقينًا أن الشيطان لن يتركك أبدًا تسير في طريق الحق هكذا دون أن يغويك ويحاول جاهدًا أن يبعدك عنه، فتراه يبين لك أن طريق الحق قليل به الناس، وقليل هم المؤمنين به، فإياك أن تتبعه، وانهره، واكمل طريقك، ولا تنسى قول الله تعالى وهو يحذرنا من إغراءات الشيطان: «بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ».
والله عز وجل بعث نبيه الأكرم صلى الله عليه « بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ »، فأعرض أهل مكة، وامتنع كثير من كبرائها عن الإيمان بدعوته، إلا أنه لم ييأس، وليقينه في دعوته فقد نصره الله وأظهره على الدين كله، ووهبه فتحًا عظيمًا، لذا مها طالت ساعات الصبر فاعلم أن طريق الله هو الحل الأكيد.