كثيرًا ما نفقد الثقة في علاقاتنا مع الأخرين لأسباب تافهة، رغم أهميتها في أي علاقة ندخل بها مع زميل في العمل أو صاحب في الحياة، فإن محاولة استعادة الشعور بمجرد فقدانه قد تبدو مستحيلة. ولكن إذا كنت الجاني في حالة انهيار الثقة بالعلاقة، فاعلم أن الأمل بترميمها ممكن.
تقول كارين كوك، أستاذة علم الاجتماع في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إنّ الثقة "غالبًا ما تُعرّف، ونوعًا ما بشكل مجرد، على أنها رغبة بأن نكون عرضة للآخر أو لمؤسسة، أو نتعامل معها على أنّها سمة من سمات العلاقة".
وترى الأستاذة ميشيل وليامز في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الامريكية،، أنّ أعلى درجات الثقة تتجسّد حين يُعوّل الآخر عليك كي تتصرّف بالنيابة عنه، أو لتحقيق مصالحه حتى عندما تكون الفرصة سانحة امامك للإفادة منه وحتى التسبّب بضرر له. مضيفة أنّ الثقة "تُسهّل عمليّتي التعاون والمشاركة".
وأوضحت ويليامز، الأستاذة في كلية تيبي للأعمال في جامعة أيوا الأمريكية، أن أعلى مستوى من الثقة يعني أنه يمكن للأشخاص الاعتماد عليك للعمل نيابة عنهم أو لمصلحتهم الفضلى، حتى عندما تتاح لك الفرصة للاستفادة منهم أو إلحاق الضرر بهم، لافتة إلى أن "الثقة تُسهلّ عمليتي التعاون والمشاركة".
واستشهدت وليامز ببحث وُضع عام 1995، يبيّن أنّ الثقة تقوم على ثلاثة أسس: القدرة على إتمام أي مهمة أُوكلت إليك، والتعاطف مع الآخر أو الاهتمام لأمره أو حمايته، والنزاهة. أي التصرّف وفقًا لمجموعة قيم مُجمعٍ عليها".
وقالت كيوندرا جاكسون، المعالجة النفسية للأزواج والأسرة، إنّه حين يفقد أحدهم الثقة بالآخر، قد يشكّك في نواياه الحسنة اللاحقة أو بمصداقيته. لافتة إلى أن انعدام الثقة في العلاقات العاطفية، قد تُضر بالتواصل العاطفي والجسدي بين الثنائي.
أما في مكان العمل، بحسب وليامز، فإن ثمن فقدان الثقة يُترجم بانقطاع في التواصل جرّاء المشاعر السلبية المتبادلة التي تؤدي إلى تجنّب التلاقي، ما يقف عائقًا أمام حل مشكلة عدم الثقة.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر3 نصائح لاستعادة الثقة
التعاطف والاعتذار
وفي هذا الإطار، تُوضح دارلين لانسر، المعالجة النفسية للأزواج والأسرة في مدينة سانتا مونيكا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، أنّك إذا شعرت بالندم وترغب بالاعتذار، فيجب أن تعلم أن الأشخاص يختلفون، وبالتالي يختلف تقديم الاعتذار من شخص لآخر، مضيفة أن البعض "لا يهمّهم ما تريد قوله، بل يريدون أن يسمعوا كلمة: اعتذر منك"، ولافتة إلى أن "أشخاصًا آخرين لا يكترثون لذلك، بل يريدونك أن تُصغي إليهم، وتفهم ما يشعرون به. وأنّ ثمة فئة أخرى ستكتفي بالقول: حسنا، أرني ما لديك. لن آبه لما ستقوله.
أما مفتاح إعادة بناء الثقة بحسب ما ذكرته وليامز، فقوامه الإصغاء الجيد للآخر بهدف فهم وجهة نظره ومشاعره، مشيرة إلى أنّ ذلك يجب أن يتم بعد وقت قصير من وقوع المشكلة.
وقالت وليامز إنه يجب الاستفهام من الشخص الآخر كيف ينظر إلى ما جرى، ولم هذا الأمر مؤلمًا بالنسبة إليه، لافتة إلى ضرورة التعاطف مع العناصر التي لم تتمكّن من رؤيتها من منظورك، والاعتذار عمّا آلمه من تصرّفك، فضلًا عن الإصغاء من دون مقاطعته، وطرح أسئلة عليه تساعدك على فهم مشاعره وأفكاره.
والاعتذار هو خطوة أساسية، لكنه ليس عصًا سحرية ستُعيد العلاقة دومًا إلى ما كانت عليه في السابق، بشكل مباشر.
فرصة أخرى
وقالت جاكسون إنّ أحد الأسباب الأساسية لعدم عودة مستوى الثقة إلى ما سبق عهده في العلاقة، مردّه إلى أن الجهد المبذول يتم من طرف واحد، موضحة أنه بالإمكان إصلاح ما شاب العلاقة من خلال بذل جهد من قبل الطرفين.
ونصحت وليامز أن يكون المرء مُستقبلًا للمبادرات التي يُطلقها الآخر لاستعادة ثقته به، آخذًا وجهة نظره بعين الاعتبار.
وأضافت أنه "إذا كان ذلك ممكنًا، أنظر إليه على أنه اقترف أخطاءً بحقّك، وليس كأنه مذنب هدفه يقتصر على التسبّب بالأذى لك. فأنت أيضًا، في ظروف أخرى على الأرجح، أقدمت على أمور، أو اتخذت خيارات لم تراعِ فيها مشاعر الآخر إلى حد ما. عندما تُقر بذلك فإن ذلك سيساعدك لبناء الثقة مجددًا بينكما".