عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن أعظم ثروة هي ٱن تعيش و ٱنت راضٍ بالقليل، وما ذلك إلا لأن الفهم السليم للرضا هو الذي يهون المصاب، ويخفف وطأة الألم.
وفي ذلك يقول علقمة في قوله تعالى: « وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ » (التغابن: 11) قال: هي المصيبة تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله - عز وجل -، فيسلم لها ويرضى، فهل تعلم يا عبد الله أن الأرزاق بيد الله مقسومة، ومقاديرها عند الله معلومة محسومة، وأن الفقر قد يكون أفضل لك من الغنى.
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يُعطي المال من أحب ومن لا يُحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب».
الرزق مكفول
الرزق مكفول للجميع، وقدره الله عز وجل لعباده، وحدد لكل واحد منا رزقه طوال حياته، وبالتالي الأمر لا يحتاج لقسوة أو حيلة، ولا حيلة في الرزق أبدًا، كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فكيف يبتغي بعض الناس الزيادة بالطرق الحرام، أو بالاعتداء على الأبرياء بسرقة أموالهم.
فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد البشر، عاش من ألوان الحاجة ما قد لا يقدر عليه غيره، فواجهها بالرضا والقناعة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظاً مصبوباً، وعند رأسه أهب معلقة، فرأى أثر الحصير في جنبه، فبكى، فقال: (ما يبكيك؟) فقال له: "يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله"، فقال عليه الصلاة والسلام: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟».
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرالبشرى الحلوة
أما صاحب الابتلاء فأنه بشر على صبره، ومن ثم فمن رضي وصبر على ما بلاه الله به، نال أعظم الأجر والثواب، فلقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم المبتلين بالفقر والضيق والحاجة أنهم أسبق إلى الجنة من غيرهم، فقال: «يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام" صحيح سنن الترمذي. وفي رواية: "بأربعين خريفا».
إذن هذه هي الثروة الحقيقية، فأعد حساباتك مجددًا مع الحياة!، فيما أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «ما ابتُليتُ ببلية إلا كان لله عليَّ فيها أربعُ نِعم: إذْ لم تكن في ديني، وإذ لم أُحرَم الرضا، وإذ لم تكن أعظمُ منها، وإذ رجوت الثواب عليها».