كثير من الآباء يثورون على الأبناء ويتهمونهم بأنهم لم يفعلوا ما عليهم، سواء واجبات مدرسية أو حياتية، على الرغم من أن الأولاد قد فعلوا ما بوسعهم، ومن ثم كيف يكون المقصود بالرضا والغضب من الأب والأم على الأولاد؟.
علينا أن نعلم أن الرضا والغضب لا يتعلق به حكم إلا إذا كان الولد قد خالف الشرع مع الأب والأم، فإذا طلب الأب والأم من ابنه أو ابنته شيئًا وكان في قدرة الولد أو الابنة، لكنه فعله بصورة لا ترضي الأب والأم لأن طموحات الأب والأم في هذا الذي طلبوه أعلى من مستوى اتقان الابن لهذا العمل غير أن الابن لم يقصر جهدًا لكنه هذه حدود إمكانياته، فهنا لو لم يرض الأب والأم أو غضبا أو دعيا عليه فكل هذا لا يهم ولا يؤذي الولد ولا يكون مطالبًا شرعًا كوجوب بأي شيء تجاههم ، لأنه أحسن قدر ما استطاع، والله أمرنا أن نحسن لا أن نرضيهم أو لا نغضبهم .
القلوب بيد الله
لذا ليعلم كل مسلم، أن القلوب ليست بأيدينا ، فهناك من لا يرضى أبدًا ، فما علينا إلا أن نحسن قدر طاقتنا ، فالله لم يكلف أحدًا إلا بما يستطيع ، ومن ثم فإن بر الوالدين متعلق بفعلنا نحن تجاههم لا برد فعلهم من رضا وغضب على فعلنا، فنحن نتحكم في فعلنا حسب إمكانياتنا تجاه الوالدين ولا نتحكم في رضاهم أو عدم رضاهم عن أفعالنا التي قصدنا بها إرضائهم.
وهذا من رحمة الله بنا أن علق بر الوالدين بأفعالنا لا برد فعلهم على أفعالنا وإلا لما استطاع أحد أن يبر أباه وأمه لأن طاعة بر الوالدين صارت معلقة بغيرنا من البشر ومربوطة بمزاجه وقلبه ورضاه وغضبه الذي قد يكون مزاجيًا وغير عادل أحيانًا وفوق قدراتنا أحيانًا، وعليه.
وما يفعله بعض الآباء والأمهات تجاه أبنائهم من تهديدهم بأنهم سيغضبون عليهم أو لن يرضوا عنهم إنما هو ابتزاز في ظل غياب مفهوم البر الذي شرعه الله عز وجل.
يقول الله عز وجل:” «وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا »، إذن طالما الأمر لم يتعد مخالفة شرعية، فإنه ليس هناك عقوق.
اقرأ أيضا:
كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنبرد فعل الأبناء
أما عن رد فعل الأبناء، فعليهم أن يعلموا يقينًا أنه إن كان غضب الآباء وعدم رضاهم مهما كان، فإنه لا يجوز أبدً أن يرد عليه أبدًا بأي لفظ يفيد عدم الاحترام أو لا يتناسب مع الوالدين ، فمهما شتم الأب والأم الأبناء أو قسو عليهم في المعاملة ، فلا يجوز صدور لفظ واحد تجاههم ولو (أف).
قال تعالى: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» (الإسراء 23).
فمن حافظ على لفظه وفعله تجاههم ، فقد فعل البر في أقل معانيه وسقط عنه فرض البر بهذا الاحتراز ، فلا نقابل الأب والأم كلمة بكلمة مهما أخطؤا.
لكن إن اخطؤا في حقنا ولم نرد عليهم ثم غضبوا هم، فلا نخاف من هذا الغضب لأنه بغير حق، والقاعدة في هذا، أن نفعل ما نستطيع ولا نؤذيهم بقول أو فعل ثم لا يهمنا رضاهم وغضبهم لأننا لسنا مكلفين بهذا فهو فوق الطاقة والقدرة لأن القلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء.