من ظن أن الباطل سينتصر على الحق فقد أساء الظن بالله، لكن علينا أولاً أن نميز الحق من الباطل حتى لا يختلط علينا الحق بالباطل، وقد يطول انتظارنا لنصرة الله للحق ونفاجأ بأن الله نصر الباطل، ومن ثم فإن الحقيقة هي أن الله نصر الحق الذي يعلم الله أنه حق ولم ينصر الحق الذي هو في أذهاننا أنه حق، فالذهن قد يرى الأشياء على غير حقيقتها فيظن الحق باطلا والباطل حقًا.
لذلك من دعاء الصالحين : «اللهم أرنا الحق حقًا وأرنا الباطل باطلًا»، والحق لاشك ينبع مما جاء به رب العزة على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فمن علم ذلك أراح قلبه وبدنه.
قال تعالى: «قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ » (المائدة: 15، 16).
الانحراف عن الحقيقة
فمن حاد عن الحق انحرف عن الحقيقة واليقين، ومشي في طريقه هو فيرى والعياذ بالله الحق باطلا والباطل حقًا، قال تعالى: « وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » (الأنعام: 153).
ومن ثم فإن الحق لاشك هو الصدق والحقيقة ومطابَقة الواقع، والباطل هو المزيف والكذب، ومطابقة خلاف الواقع، لذلك قال الله سبحانه وتعالى: « وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ » (ق: 19).
وتأتي كلمة الحق في القرآن الكريم باسم الصدق، كما قال تعالى: « وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ » (الزمر: 33)، كما جاءت أيضًا بمعنى الطيب، كما قال تعالى: « قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ » (المائدة: 100)، ومن ثم فمن علم معنى الحق، ابتعد بالكلية عن الباطل لاشك في ذلك.
اقرأ أيضا:
كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنبالقوة الغالبة
ليعلم القاصي والداني، أن قوة الحق هي الغالبة، مهما زاد وعلا الباطل، لكن الأمر بحاجة إلى يقين في الله، وتوكل وصبر، قال تعالى: « أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ » (محمد: 10 - 11).
ومن ثم فإن انتصار الحق قادم لا محالة، لأنه بالأساس وعد إلهي، قال تعالى يؤكد ذلك: «إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ » (المجادلة: 20 - 21).