تبين مروة عبدالحميد استشاري العلاقات التربوية والاجتماعية أن الأب الصديق.. والأم الصديقة. أصبح ضرورة خاصة في هذه الأيام التي يكثر فيها الانحراف بسبب التكنولوجيا وانتشار الفتن.
وتضيف أن المصاحبة أفضل صفة يمكن أن يتصف بها الأهل في عيون أبنائهم. فالصداقة بين الآباء والأبناء لها منافع كثيرة، يستفد منها الأهل قبل أن يستفيد منها الأبناء. فعندما ينجح الأب أو الأم في مصاحبة أبنائهم، يكونوا قد اكتسبوا صديقاً للعمر، يحترمهم ويحتويهم ويريد أن ينال رضاهم ويحمل همّهم إذا بلغوا الكِبَر ويرعاهم.
وتستطرد: أما عن الأبناء، فصداقة الأهل تعدّ لهم درعاً حامياً ضد تيارات الحياة المعاكسة وسوء الأصدقاء وفتن الدنيا ومعاصيها التي أصبحت سهلة ومتاحة. وبالإضافة إلي ذلك، فإنها تساعد الأبناء في بناء ثقتهم بأنفسهم وتشعرهم بقيمتهم في حياة الأهل بشكل خاص وفي الحياة بشكل عام، وذلك من خلال الصداقة والحب الغير مشروط ودعم الأهل المستمر لهم.
وسائل المصاحبة:
وتنصح الجميع بضرورة إعادة النظر في طبيعة العلاقة التي تجمعهم بأبنائهم حتي لا يفوّتوا علي أنفسهم فرصة لا تعوّض في التأثير الإيجابي علي نفسية الأبناء وقناعاتهم وأفكارهم ومستقبلهم. وبهذا أوجه نصيحتي للسائل وأشجعه أن يبدأ في التودد والتقرب لأبنائه ومصاحبتهم سريعاً بغض النظر عن مرحلتهم العمرية ويكون ذلك عن طريق بعض التطبيقات البسيطة:
1. التسامح. كثيراً ما يخطئ الأبناء وسرعان ما يفقد الآباء أعصابهم أمام تلك الأخطاء ويتسرعوا في الإعراب عن غضبهم واتباع هذا الغضب بأنواع مختلفة من العقاب. ولكن العقاب أسلوب غير فعّال في تحقيق مبدأ الصداقة مع الأبناء. فلهذا علينا أن نتحلي بالصبر واللجوء إلي أساليب التوجيه الإيجابي الذي يؤدي إلي إرسال رسالة تسامح وحب قبل الغضب والعقاب، وتلك رسالة تربوية غاية في الأهمية إذا أردنا كسب ثقة الأبناء والتمتع بصداقتهم.
2. الابتعاد عن أساليب العقاب التقليدية وتبديلها بما هو نافع والذي يأتي بنتائج حقيقية ومستدامة من حيث تعديل السلوك الغير مرغوب. ويتحقق ذلك من خلال التحكم في الغضب كخطوة أولية ثم إتباعها بإقرار للمشاعر. فعلي سبيل المثال، يمكننا أن نشرح للابن أننا نحبه حباً كبيرا في المقام الأول وأن دور الأب أو الأم هو في الأساس لمساعدة الأبناء في تصحيح أخطائهم وتدعيمهم بدروس كثيرة في الحياة. وبهذا نكون ساعدنا الابن في فهم أن ارتكاب الأخطاء أمر متوقع وجزء لا يتجزأ من الحياة – فلا داعي من الإحساس بالخجل أو الخزي وإنما علي الابن الإسراع في تصحيح الخطأ وطلب المساعدة من الأهل وهو مطمئن أنهم لن يتأخروا عن دعمه وقبول اعتذاره.
3. البحث عن نقاط اهتمام مشتركة وتمضية وقت كافٍ سوياً لممارستها كلعب كرة القدم أو التسوق أو الذهاب إلي الصلاة في المسجد.
4. الخوض في عالم الابن والتعرف علي ما يشغل باله وتشجيعه علي الحوار.
5. الإنصات الجيد دون التسرع في عرض الحلول أو فرض النصيحة. أحياناً يصعب علينا أن نستمع لأبنائنا وهم يتحدثون عن مشكلات أو حتي أمور حياتية عادية دون أن تأخذنا الحماسة ونبدأ في إلقاء محاضرات توعوية هدفنا منها مساعدتهم بأقصي درجة. ولكن في الحقيقة، ما يريده الابن من حين لآخر هو أن يجد من يستمع له فقط، ويقر مشاعره ويبلغه بأنه ليس وحده وأن الأب أو الأم متواجدين دائماً بجانبه.
6. التحدث مع الابن عن ذكريات الأب أو الأم في طفولتهما. فهذا تدريب فعّال جداً مع الأبناء لأنهم يفرحون عندما يستمعون إلي تلك القصص فيشعرون بقرب شديد من الأب والأم، وأنهم بالفعل أصدقاء يتحدثون سوياً عن حياتهم ويشاركون آبائهم ذكرياتهم في الحياة.