يوصف الأسبرين بأنه الدواء الأكثر شيوعًا في العالم، لما له من فوائد عدة، بدءًا من علاج الصداع إلى الحفاظ على صحة القلب، لكن عجائبه لا تنتهي عند هذا الحد، إذ تشير الأبحاث إلى أن فوائده تتراوح ما بين الوقاية من السرطان إلى زيادة فرص الحمل والإنجاب، إلى جانب تعزيز الصحة الجنسية للرجال .

وقال البروفيسور جينو مارتيني، كبير العلماء في الجمعية الصيدلانية الملكية ببريطانيا، إن المزيد من استخدامات الأسبرين قد تظهر في الوقت المناسب.

وأضاف: "تتشابك العديد من المسارات البيوكيميائية، ويستغرق الأمر وقتًا حتى نتخلص منها ونفهم كيف يؤثر عقار معين عليها"، مما "يعني أنه يمكن أن تظهر استخدامات جديدة. مع الأسبرين، أنا متأكد من أنه لا تزال هناك مفاجآت يمكن العثور عليها".

وفي حين أن الكثيرين يتناولون الأسبرين لعلاج الصداع (عادةً من قرص واحد إلى ثلاثة أقراص 300 مجم كل أربع ساعات)، يتناوله الملايين أيضًا لمنع الأزمات القلبية والسكتات الدماغية (عادةً 75 مجم مرة واحدة يوميًا)، مع العديد من الفوائد المحتملة.

مكونات الأسبرين 

والمكون الرئيسي للأسبرين، حمض أسيتيل الساليسيليك، المصنوع من حمض الساليسيليك، وهو مركب موجود في لحاء أشجار الصفصاف.

يمنع الأسبرين إنتاج البروستاجلاندين، الذي تصنعه خلايا الجسم، ويسبب التورم والألم والحمى، ويساعد أيضًا على تقليل لزوجة الدم، وبالتالي تقليل مخاطر الجلطات التي تسبب الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

ويزيد أيضًا من إنتاج أكسيد النيتريك الذي يريح الأوعية الدموية ويوسعها ويحسن الدورة الدموية. لكن فوائده قد لا تنتهي عند هذا الحد.

سرطان الثدي السلبي الثلاثي

في الأسبوع الماضي فقط، كشف الأطباء في مؤسسة "كريستي إن إتش إس ترست" لعلاج السرطان في مانشستر بإنجلترا، أنهم بدأوا تجربة الأسبرين في النساء المصابات بسرطان الثدي السلبي الثلاثي - وهو أحد الأشكال العدوانية من هذا النوع من السرطان، وله خيارات علاج محدودة.

وستنظر الدراسة التي تشمل 42 مريضة في ما إذا كان دواء أفيلوماب، وهو علاج مناعي يقوي جهاز المناعة لمحاربة الأورام، سيكون أكثر فعالية عندما يتم إعطاء الأسبرين بجانبه. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الفئران بالفعل فوائدهما العلاجية معًا، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

وإذا نجحت الدراسات البشرية، فإن ذلك من شأنه أن ينقذ حياة النساء اللاتي يصبن بسرطان الثدي السلبي الثلاثي، والذي ينجم عندما تقوم خلايا سرطان الثدي الثلاثية السلبية بتصنيع البروستاجلاندينات الخاصة التي تساعد السرطان على النمو، لذلك عن طريق تقليل إنتاج البروستاجلاندين، يجعل الأسبرين من الصعب حدوث ذلك، وقد يسهل أيضًا على الخلايا المناعية المقاومة للسرطان التسلل إلى الورم.

سرطان الأمعاء

تتزايد الأدلة على أن الأسبرين يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطان، وبشكل خاص سرطان الأمعاء، إذ تشير الأبحاث إلى أن تناول الأسبرين بانتظام قد يقلل من خطر الإصابة بالحالة بنسبة 25 إلى 30 في المائة، كما قال أندرو تشان، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، بسبب تأثير الأسبرين المضاد للالتهابات.

وقال الدكتور تشان: "يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن إلى حدوث طفرات في الخلايا، ويغذي النمو غير المنضبط للخلايا التي تساعد الخلايا السرطانية على الازدهار".

وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأسبرين يقلل أيضًا من خطر الإصابة بسرطان الكبد وسرطان المريء. ويقول الدكتور تشان، الذي يأخذ جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا للوقاية من السرطان، إن الحد من مخاطرها هو "حاجة سريرية عالية حقًا لم تتم تلبيتها".

وتنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في إنجلترا الأشخاص المصابين بمتلازمة لينش، وهي حالة وراثية تزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، بأن يتناولوا الأسبرين لتقليل خطر الإصابة بالمرض.

زيادة فرص الإنجاب 

ويقترح بعض أطباء الخصوبة على النساء اللواتي يحاولن الإنجاب أن يأخذن ربع الأسبرين في اليوم.

جاء ذلك في أعقاب دراسة أجرتها جامعة يوتا في عام 2015 وجدت أن النساء اللائي تعرضن للإجهاض في السابق كن أكثر عرضة للحمل بنسبة 17 في المائة في غضون الأشهر الستة المقبلة إذا تناولن جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا.

وقال الباحثون إن الأسبرين قد يسهل زرع الجنين في الرحم عن طريق تقليل الالتهاب.

وفي عام 2018، تم اكتشاف خاصية أخرى من خصائص الأسبرين، وهي القدرة على تحسين الدورة الدموية، إلى معالجة العجز الجنسي.

وتوصلت دراسة أجرتها جامعة اسطنبول ميديبول في تركيا إلى أن حوالي 78 في المائة من الرجال تمكنوا من الحفاظ على الانتصاب أثناء الجماع بعد تناول 100 ملج من الأسبرين يوميًا لمدة ستة أسابيع، مقارنة بـ 31 في المائة ممن تناولوا دواءً وهميًا.

لكن هل يمكن لنا أن نتناول الأسبرين، خاصة وأنه يمكن أن يتلف بطانة المعدة، مما يتسبب في حدوث نزيف قد يهدد الحياة؟.

قال السير جون بيرن، أستاذ علم الوراثة الإكلينيكي في جامعة نيوكاسل وأحد رواد الأبحاث في مجال الأسبرين والسرطان: "إذا كان عمرك بين 40 و60 عامًا وكنت قد فكرت في خطر حدوث نزيف، فإن أسبرين الطفل (75mg) أو تناول القليل من أسبرين الأطفال يوميًا هو أمر منطقي تمامًا.

لكن البروفيسور مارتيني كان أكثر حذرًا، إذ قال: "لا ينبغي اعتبار الأسبرين أمرًا مفروغًا منه. إذا كنت تريد أن تأخذه على المدى الطويل، فلابد أن يكون تحت إشراف طبي".