لم يكن الإسلام يوما سيفًا على رقاب الناس، بل إنه الله جاء به رحمة لعباده لينتشلهم من الظلم والعنت والطغيان للعدل والبر والسماحة.
ومن أظهر خصائص الإسلام أنه دين السماحة والعفو فلا تتربص تشريعاته بأتباعه بل يترك لهم حرية كاملة فإن أخطأوا جعل لهم مساحة للرجوع فلا مجال للملاحقة كما لا يؤاخذهم بالجهل والنسيان وغير ذلك من الأمور التي يعذرون فيها.
من صور السماحة في الإسلام:
السماحة في الإسلام صورها عديدة ويكفي أن نشير لبعض هذه الصور، ومنها أن الإسلام لا يحاسب أتباعه على ما يحدثون به أنفسهم ما م يترتب على هذا عمل كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا ) رواه مسلم.
ومن سماحته أن من عمل معصية ثم سترها الله عليه فلا يجوز له التحدث بها لقوله عليه الصلاة والسلام: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) رواه مسلم.
ومن سماحته أن من فعل ذنبا لا يعالج بالعقوبة بل شرعت له التوبة فإذا أذنب الإنسان ثم تاب، تاب الله عليه: (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم) والتوب تجب ما قبلها.
ومن سماحة الإسلام أن الله يضاعف الحسنات لأضعاف كثيرة ولا يضاعف السيئات بل يعفو ويصفح، كما قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: ( إن الله كتب الحسنات والسيئات, ثم بين ذلك , فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات , إلى سبعمائة ضعف, إلى أضعاف كثيرة , ومن هم بسيئة فلم يعملها , كتبها الله عنده حسنة كاملة , فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ) متفق عليه ، أخرجه البخاري ( كتاب الرقائق/81 ) .
ومن سماحته أنه لا يكلف إلا بما في الوسع وما يستطاع فعله كما قال سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وبهذا رفع الله عن المسلمين المشقة والحرج في جميع التكاليف قال تعالى: (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج).
ومن سماحته أنه لا يؤاخذ أتباعه بالنسيان بل بما يتعمدون قال سبحانه: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، كما قال سبحانه: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم).