هل تجحد قيمة النعمة حينما تألف وجودها.. ماهو السر؟
بقلم |
أنس محمد |
السبت 09 مارس 2024 - 01:10 م
يدعو العقل السليم، ويحث الشرع ؛ على أن يكون العبد معترفا بفضل الله وجوده وكرمه وألا يجحد نعمه بالتمرد عليها، بل يجب أن يكون شاكرا لربه على نعمه وعطائه، حتى لا تزول هذه النعم من أمامه، فوقتها يعرف قيمتها بعد فوات الأوان .
ولكن من المؤسف أن تنتشر في هذه الأونة بعض الصور والفيدوهات المصورة، من بعض المتتجعات والمدن السياحية التي تمتلئ بالحفلات الصاخبة، بالأغاني والرقص، ولكن الأكثر أسفا تسلل بعض العادات الغريبة عليناوعلى تقاليدنا وأخلاقنا كمسلمين، وهي ترك الحبل على غاربه لشبابنا وأبنائنا في هذه الحفلات التي يشهد زوارها بانتشار الإباحية والعري والخمر لدرجة العلانية، كما ظهر ذلك في بعض المشاهد المصورة، وتغريدات وتدوينات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد تنذر هذه السلوكيات الغريبة على تقاليدنا وشرعنا، بكارثة أخلاقية، تنم عن جحود الكثير من الناس لنعم الله علينا، حتى استغلوا هذه النعم في إفساد شبابهم وأبنائهم بكثرة هذه الأموال التي يحتاج إليها ملايين الفقراء لسد رمقهم، وعلاج أمراضهم.
لإيلاف قريش
هل تعرف تفسيرها.. هذه أول آية من سورة قريش، تناقش مشكلة حياتية وهي إلف النعمة، وان اعتياد قريش على استقامة مصالحهم، ورحلتيهم بالشتاء والصيف، دون النظر لواهب هذه النعم ومديمها!.
كان أهل قريش معتادين على الفقر والجوع، والحياة البدائية البسيطة، لدرجة عندما يصل أحدهم لشدة الفقر، كان يأخذ أهل بيته لمكان يسمى بالخباء، يمكثوا فيه حتى يموتوا من الجوع كلهم، والعادة هذه في الجاهلية كان اسمها (الاعتفار)،
وكان هناك عائلة كبيرة اسمها بني مخزوم، كانوا كلهم سيموتوا من الجوع الشديد، وعندما وصل خبرهم لهاشم بن عبد مناف أحد كبار التجار، استاء من وجود هذا الجهل والفقر في أهل البيت الحرام،فجاء هاشم بن عبد مناف وغير هذه العادة، وقال لهم: أنتم أحدثتم عادة تُذَلون بها بين العرب، وأنتم أهل بيت الله، والناس لكم تبع، فقسم القبيلة لعشائر، وأمر كل غني منهم، بتقسيم ماله مع الفقراء من عشيرته، حتى أصبح الفقير مثل الغني، وعلمهم أصول التجارة، ونظم لهم رحلتين في العام، رحلة للشام ورحلة لليمن.
في الشام علمهم تجارة الفواكه في الصيف، وفي اليمن علمهم تجارة المحصولات الزراعية في الشتاء، حتى جاء خير الشام وخير اليمن لمكة، وأصبح سكان مكة في حال أفضل، وانتهت ظاهرة (الاعتفار).
بدأ أهل قريش يكفروا بالنعمة، بعدم شكر الله عليها، فكفران النعم هو أن تألفها فلا تراها نعمة،
فلما ألفت قريش النعم التي أنزلها الله عليهم، أنزل الله فيهم الأمر الإلهي بأن يعبدوا رب هذا البيت، {فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف}.
ونِعَم الله على الناس عموماً لا تعد ولا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة، التي هي نعمة ظاهرة، وهي دوام النعمة، وهي إطعامهم بعد الجوع، وتأمينهم بعد اعتيادهم العيش في رعب، وخوف من الموت {... أطعمهم من جوع * وآمنهم من خوف}.
دروس مستفادة من لإيلاف قريش:
- لا تألف فتجحد، لكن اشكر الله تألفك نِعمته.
- افرح بنعمة الله عليك واشكرها، حتى لو تكررت ألف مرة، لأن مجرد دوام النعمة نعمة، وإلف النعمة وعدم شكرها، جحود وظلم.
- ولتبقى كلمة الحمدلله على لسانك في كل وقت، قلها بقلبك عن رضا واقتناع.