يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (آل عمران 153)، فالحزن لاشك يزيد الألم ويقلل من الرغبة في مقاومته ويشعل اليأس حتى ولو كان الأمل نهرًا تحت قدميك.
لهذا قال الله عز وجل: «وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» (آل عمران 139).. ولذلك فإن من أهم الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما رواه عنه الإمام البخاري وغيره، عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال».
مواجهة الهموم
بالأساس فإن الله عز وجل يبتلي المؤمن ليختبر قوة إيمانه، وبالتالي فإن التعرض للابتلاءات لاشك من سمات الحياة، قال تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22-23)، وبالتالي مواجهة أي بلاء بالهموم العظيمة أو بالحزن الشديد، إنما قد يكون - والعياذ بالله - اعتراض على قضاء الله وقدره.
فهون على نفسك عزيزي المسلم، فالدنيا لا تستحق كل هذا الحزن والندم، وإنما في الرضا بقضاء الله عز وجل السعادة الكاملة، ولهذا كان دائمًا شعار المؤمنين، في قوله تعالى: «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » (التوبة: 51).
اقرأ أيضا:
كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنبمنهج الله
وللتخفيف على قلوب المؤمنين فقد وضع الله عز وجل لنا منهجًا لو تتبعناه وسرنا خلفه، لزال عنا كل هم مهما كان، وأهم ما في هذا المنهج هو الصبر، قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا » (الكهف: 28).
فكأن في الصبر النجاة من الحزن، وكأن الصبر هو مرادف السعادة، فمن صبر سعد، ومن لم يصبر عاش متألمًا بدون داعٍ، لذلك فقد حث الله تعالى على الصبر وذكره في القرآن الكريم في نحو تسعين موضوعًا، كما أمر بالاستعانة به، قال تعالى: « وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ » (البقرة: 45).