وصايا عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل لنطمئن به في الدنيا ونسعد به في الأخرة، والوصية بكتاب الله عز وجل تقتضي التمسُّك به والعمل به؛ ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمل بالقرآن، وكان هو عليه الصلاة والسلام خيرَ مَنْ عمِل بذلك، فقد سأل سعد بن هشام بن عامر أُمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهما عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: "كان خُلُقُه القرآن"؛ [أخرجه مسلم].
ومن قرأ القرآن وعمِل به، فقد هُدي ووُقِي؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من قرأ القرآن، واتَّبَع ما فيه هداه الله من الضلالة، ووقاه يوم القيامة سُوء الحساب"، وقال رضي الله عنه: ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمِل بما فيه ألَّا يضلَّ في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123].
ومن عمل بالقرآن شفع له؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدُمُه سورةُ البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان أو ظُلَّتان سَوْداوان، بينهما شَرْقٌ، أو كأنهما حِزْقانِ من طير صوافَّ، تُحاجَّان عن صاحبهما))؛ [أخرجه مسلم].
اقرأ أيضا:
لا تدع الإيمان ينقص في قلبك وجدده بهذه الطريقةومن بين وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله:
أولًا: حفظه حتى لا يضيع، والحفظ نوعان: حفظ في الصدور، وحفظ في المسطور.
ثانيًا: فهم معانيه وتدبُّرها؛ لأن القرآن إنما أُنزِل لذلك في الواقع: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ [ص: 29]، ولأنه لا يمكن العمل به حقيقةً إلَّا بالتدبُّر.
ثالثًا: الوصية بتصديق أخباره، فإن من كذب خبرًا من أخبار القرآن، فإنه قد انتقص القرآن.
رابعًا: الوصاة بالعمل به بحيث لا نهجره، فإن هجر العمل بالقرآن هجر للقرآن: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].
خامسًا: الدفاع عنه، بحيث نردُّ تحريف المبطلين الذين يفسرون القرآن بآرائهم وأهوائهم، ومن قال برأيه فليتبوَّأ مقعده من النار.
سادسًا: إكرامه وتعظيمه.
سابعا: ومن الوصية به: التحاكم إليه، باتخاذه دستورًا حاكمًا في كل شؤون الحياة بمختلف جوانبها، فيحتكم إليه المسلمون في جميع شؤونهم الخاصة والعامة.
ومن الوصية به: الاستماع والإنصات إليه؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]، ومن استمع إليه بقلبه كان ذلك سببًا لرحمته، وخشوع قلبه، ونزول السكينة والهدوء عليه.
ومن الوصية به: تعلُّمه وتعليمه للغير؛ فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَه))؛ [أخرجه البخاري].
ومن الوصية به: تعاهده بالقراءة فيجعل له حزبًا مُعينًا من القرآن، يقرؤه كل يوم بحيث يختمه كل ثلاثة أيام أو أسبوع أو عشرة أيام، أو في الشهر مرتين أو مرة واحدة في الشهر، فإن ضعف فليختم كل أربعين يومًا؛ كما ورد عن بعض السلف.