أخبار

طلوع الشمس من مغربها هل يعني تعظيم الحضارة الغربية؟

فوائد مذهلة للتوت الأزرق.. يحسن ضغط الدم ويقوي الذاكرة

5 نصائح لا تفوتك لإنقاص الوزن والحفاظ عليه للأبد

كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنب

كيف تشكر الناس بطريقة تجعلهم أسرى في خدمتك؟

عجائب بني إسرائيل.. أغرب النهايات في قصة العجوزين

تعلم من رسولنا المصطفى كيف تتعامل مع أزمة زيادة مصروف البيت

لماذا المؤمن في مأمن من الخوف؟ وكيف يتعامل مع الحزن؟ (الشعراوي يجيب)

7طاعات عليك الالتزام لتصل إلى مرتبة الأدب مع الله .. خلق الأنبياء وجوهر العبودية

تعرف على ما ورد عن النبي في تسوية الإمام للصفوف قبل الصلاة

"وعلى ربهم يتوكلون".. اجعلها ذخرًا لك حتى الموت

بقلم | أنس محمد | الاربعاء 24 ابريل 2024 - 01:28 م

مهما بلغ الخيال البشري فلا يُمكن لأحد أن يتخيل هوْلَ القيام بين يدي الله تعالى في أرض المحشر العظيم، حتى دانتي، الأديب الإيطالي العظيم، الذي عُرف بأبشع تصور عرفته البشرية عن الجحيم، لم ير في خياله يوم تكون الشمس فوق الرؤوس بمقدار ميل، فتكاد تَنصهر من حرارتها، والناس ينغمسون في عَرَقهم، كلٌّ حسب عمله؛ فمنهم مَن يكون عَرَقُه إلى كَعْبيه، ومنهم إلى رُكبتيه، ومنهم إلى حَقْوَيه، ومنهم مَن يُلجمه العَرَق إلجامًا، والبشريَّةُ كلُّها من لَدُن آدمَ إلى آخر رجلٍ قامتْ عليه الساعة في صعيد واحد، يقفون حُفاة عُراةً غُرْلاً ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء].

في ذلك اليوم الذي لا مفر منه إلا رحمة الله يكاد الزحام وحْده يَخنق الأنفاس، وتأتي جهنَّم في أرض المحشر ولها سبعون ألف زمام، مع كلِّ زمام سبعون ألف مَلَك يجرُّونها، فإذا رأتْ جهنَّم الخلائق، زفَرَت وزَمْجَرت؛ غضبًا منها لغضبِ الله؛ وعندها تَجْثُو جميعُ الأُمم على الرُّكَب؛ ذعرًا وفزعًا منها ﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية].

وبينما ينتظر كلُّ واحدٍ دورَه ليُنادَى عليه؛ ليقف بين يدي الجبَّار للحساب، في يوم كان مقدارُه خمسين ألف سنة، ليحاسَب المرءُ على كلِّ عملٍ عَمِله؛ هناك زُمرة من الناس تنسلُّ لتصعد وتأخذَ مكانها في الجنة مباشرة، من غير حساب ولا عذاب؛ وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس، قال: خرَج علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقال: عُرِضَت عليّ الأُمم، فجعل يمرُّ النبي معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي معه الرَّهْط -دون العشرة- والنبي ليس معه أحد، ورأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأُفق، فرجوتُ أن تكون أُمَّتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأُفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأُفق، فقيل: هؤلاء أُمَّتك، ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنَّة بغير حساب، فتفرَّق الناس، ولَم يُبَيِّن لهم، فتذاكَر أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أمَّا نحن، فوُلِدنا في الشِّرْك، ولكنَّا آمنَّا بالله ورسوله، ولكنَّ هؤلاء هم أبناؤنا فبلَغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هم الذين لا يتطيَّرون، ولا يَسْتَرْقون، ولا يكتوون، وعلى ربِّهم يتوكلون، فقام عُكَّاشة بن مِحْصَن، فقال: أَمِنهم أنا يا رسول الله، قال: نعم، فقام آخَرُ، فقال: أَمِنهم أنا، فقال: سبَقَك بها عُكَّاشة.

بدا اهتمام أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بهذه المزية العظيمة، وتساؤلهم عن أصحابها، وهل هم أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذين هاجَروا معه، والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه بنصِّ القرآن الكريم؛ وقال بعضهم لكنَّا وُلِدنا في شِرْك الجاهلية، فرُبَّما هم أبناؤنا الذين لَم يُشركوا بالله شيئًا، ونشؤوا وترعْرَعوا على توحيد الله وطاعته؛ فبلَغ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- تساؤلهم هذا، فعاد ووصَفهم بقوله: هم الذين لا يتطيَّرون، ولا يَسْتَرْقون، ولا يَكْتوون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون.

اقرأ أيضا:

كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنب

أما التطيُّر، وهو من الطِّيَرَة: أي التشاؤم بالطَّيْر، فقد كان أحدهم إذا كان له أمْرٌ، فرأى طيرًا طار يَمنة، استبشر واستمرَّ في أمْره، وإن رآه طارَ يَسرة، تشاءَم به ورجَع، وتُطْلَق على التشاؤم مطلقًا، وقد نهَى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن التشاؤم، وكان يُعْجبه عكس ذلك، وهو التفاؤل بالخير؛ وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا طِيَرَة، وخيرُها الفأْل، قالوا: وما الفأْلُ؟ قال: الكلمة الصالحة يَسمعها أحدكم؛ ولَمَّا قال له معاوية بن الحَكم: ومنَّا رجال يتطيَّرون، قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنَّهم.

فلا يقولنَّ قائل لن أعملَ مع فلان، أو لن أسافرَ معه، أو لن أتزوَّج من فلانة، أو لا أحب لونَ كذا، أو يوم كذا، فأنا متشائِم من ذلك، وهذا كلُّه مَنهيٌّ عنه في حديث: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ؛ [رواه أحمد، وأصحاب السُّنن]، وفي الحديث: مَنْ ردَّتْه الطِّيَرَةُ عن حاجته، فقد أشْرَك [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]، فقالوا: يا رسول الله، وما كفارةُ ذلك؟ قال: يقول: اللهم لا طيرَ إلاَّ طيرُك، ولا خيرَ إلاَّ خيرُك، ولا إله غيرُك؛ رواه أحمد.

وإذا ما تحدثنا عن "ولا يَسْتَرْقُون"، فالاسترقاء هو طلب الرُّقْية، فلا يطلبون الرُّقية من الغيْر اعتمادًا كليًّا على الله -عزَّ وجلَّ- فطلَبُ الرُّقْية من الغيْر، وإن كان جائزًا، فهو مكروه لهذا الحديث، أمَّا الرُّقية الشرعيَّة للمريض، فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: مَن استطاع منكم أن ينفعَ أخاه، فليفعلْ. [مسلم].

و"لا يَكْتَوون"، فإن الكَي: باب من أبواب التداوي والمعالجة، ومعلوم أنَّ طلبَ العافية بالعلاج والدعاء مُباح بما عُرِف من الأصول، فمَن ترَك الكَي -ثقةً بالله وتوكُّلاً عليه- كان أفضلَ؛ لأنَّ هذه مَنزلة يقينٍ صحيح، وتلك مَنزلة رُخصة وإباحة؛ وعن ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الشفاء في ثلاثة: في شَرْطة مِحْجم، أو شَرْبة عسلٍ، أو كَيَّة بنار، وأنَهى أُمَّتي عن الكَي؛ [رواه البخاري]؛ وقد صحَّ أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كوَى سعدًا بن معاذ في أَكْحَله مرَّتين؛ وإنما ورَد النهي حيث يَقْدر الرجل على أن يُداوي العِلَّة بدواءٍ آخرَ؛ لأن الكي فيه تعذيبٌ بالنار، ففعْلُ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- للكي يدلُّ على جوازه، وعدم محبَّته لا يدل على المنْع منه، والثناء على تارِكيه يدلُّ على أنَّ ترْكَه أفضلُ، والنهي عنه لِمَن يعتقد أنَّ الشفاء من الكَي، لا من الله الشافي، كما كان عليه اعتقاد أهْل الجاهلية.

قال ابن حجر: المراد بترْك الرُّقَى والكي: الاعتماد على الله في دفْع الدَّاء والرضا بقَدَره، لا القدْح في جواز ذلك؛ لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة، وعن السلف الصالح، لكنَّ مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي الأسباب.

وعن التوكُّل على الله ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال]، فإن التوكُّل هو تفويض الأمر إلى الله -تعالى- في ترتيب المسببات على الأسباب؛ أي أن يكون الاعتماد على الله اعتمادًا صادقًا حقيقيًّا، مع فعْل الأسباب المأذون فيها أو المأمور بها، وكلما جعَل المرء اعتمادَه على الأسباب، نقَصَ توكُّله على الله؛ ومَن جعَل اعتمادَه على الله، مُلغِيًا الأسباب، فقد طعَن في حِكمة الله؛ لأن الله جعَل لكل شيءٍ سببًا، وهو حكيم يربط الأسباب بمسبباتها، كمَن يعتمد على الله في حصول الولد، وهو لا يتزوَّج، والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أعظمُ المتوكِّلين، ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب، فقد كان يأخذ الزادَ في السفر، ولَمَّا خرَج إلى "أُحُد"، ظاهَر بين دِرْعَيْه؛ أي لَبِس دِرْعين اثنين، ولَمَّا خرَج مهاجرًا، أخَذ مَن يدلُّه على الطريق، وكان يتقي الحرَّ والبرد، ولَم يُنقِص ذلك من توكُّله شيئًا.





الكلمات المفتاحية

يوم القيامة التوكُّل على الله وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled مهما بلغ الخيال البشري فلا يُمكن لأحد أن يتخيل هوْلَ القيام بين يدي الله تعالى في أرض المحشر العظيم، حتى دانتي، الأديب الإيطالي العظيم، الذي عُرف بأبش