عظيمة هي أسماء الله الحسنى، فهي الصلة التي بين العبد وربه، حين يسأله أمرًا من أمور الدنيا والآخرة، فإنما يسأله بأحد هذه الأسماء.
قال تعالى: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ( الأعراف 180)، لكن هناك الأسماء المنتشرة بين الناس، وهناك غير المنتشرة، والتي قد لا يعلم عنها بعض الناس الكثير، ومن هذه الأسماء: الديان.. فعن عبد الله بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول : بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب : قل له : جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت : نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت : حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يحشر الناس يوم القيامة - أو قال : العباد - عراة غرلا بهما " قال : قلنا : وما بهما؟ قال : " ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من [ بعد كما يسمعه من] قرب : أنا الملك، أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق، حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أقصه منه، حتى اللطمة " قال : قلنا : كيف وإنا إنما نأتي الله عز وجل عراة غرلا بهما؟ قال : " بالحسنات والسيئات».
ديان السموات والأرض
إذن الديان، إنما يعني -حسب ما جاء في الحديث السابق- الحاكم القاضي القهار المجازي بالخير والشر، وهو أيضًا كما فسره العلماء، المجازي والمحاسب، الذي يحاسب العباد يوم القيامة، ويجازيهم بالخير خيراً، وبالشر شراً، ولا يضيع عمل عامل منهم، وبالتالي من يعي المعنى من اسم الله الديان، فعليه أن يستعد لهذا اليوم جيدًا، فاليوم حساب بلا عمل، وغداً عمل بلا حساب، فإذا علم العبد أن الله سيحاسبه ويجازيه على أعماله استعدَّ لذلك اليوم، كما قال الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتزينوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ الحاقة:18)، وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا».
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىماذا قدمت؟
عزيزي المسلم، انظر ماذا قدمت لهذا اليوم العظيم، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ » (الحشر: ١٨)، حتى حينما تتعرض للمحاسبة، يكن صدرك واسعًا واثقًا في رحمات الله عز وجل، وليعلم الجميع أن اسم الديان إنما به وعيد لمن لا يخاف هذا اليوم العظيم، وثقة في عهد الله عز وجل لمن ظُلم بأن الله سيرد له مظلمته يومًا ما لاشك في ذلك.