هل يمكن أن يؤثر التعرض للرصاص في مرحلة الطفولة على شخصية الإنسان حتى مرحلة البلوغ؟

ومن خلال تحليل البيانات المتعلقة بمستويات الرصاص في الغلاف الجوي في جميع أنحاء الولايات المتحدة و37 دولة أوروبية منذ عام 1960 وعملية المسح التي شملت ما يقرب من 1.5 مليون رجل وامرأة، توصلت دراسة إلى أن الأشخاص الذين نشأوا في مناطق ذات مستويات عالية من الرصاص أصبحوا أقل ضميرًا وأقل قبولًا، وخلال مرحلة الشباب أصبحوا أكثر عصبية.

الرصاص في الغلاف الجوي

قال المؤلف الرئيسي تيد شوابا، زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة تكساس: "الرصاص في الغلاف الجوي، مثل جميع مصادر التعرض للرصاص، خطير للغاية"، مضيفًا: "حتى المستويات المنخفضة من التعرض للرصاص تم ربطها بسوء الحالة الصحية، والاضطرابات العقلية، والجنوح المدرسي، وأي نتيجة سلبية أخرى يمكن أن تخطر ببالك".

ووفقًا للباحثين، فإن التعرض للرصاص منخفض المستوى قد يؤثر سلبًا على سمات الشخصية، ويضر برفاهية الناس ومتوسط العمر المتوقع والآفاق الاقتصادية طوال الحياة.

أشارت الدراسة التي نشرت نتائجها في عدد 20 يوليو من مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" إلى اختلاف رئيسي بين الولايات المتحدة وأوروبا: بينما أدى تعرض الأطفال لمستويات عالية من الرصاص إلى انخفاض الوعي بين البالغين في الولايات المتحدة ، لم يكن هذا هو الحال بين الأوروبيين.

لكن كانت هناك أخبار سارة على جانبي المحيط الأطلسي: في كل من أوروبا والولايات المتحدة، "تمت إزالة الرصاص في الغالب من الغلاف الجوي، والمستويات الإجمالية للتعرض للرصاص أقل مما كانت عليه في أي وقت مضى"، بحسب الدراسة.

يقع الإطار الزمني للدراسة قبل وبعد قانون الهواء النظيف لعام 1970، والذي أعطى الحكومة الأمريكية سلطة موسعة لتنظيم تلوث الهواء.

قال شوابا: "لقد تعرضنا للرصاص أقل بكثير في الوقت الحاضر مما كنا عليه في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وهو أمر رائع"، لذلك في ذلك الوقت، "كان لدى الشخص العادي في الولايات المتحدة مستويات رصاص أعلى في الدم من الحد الحالي. للعناية السريرية".

ووجد الباحثون أن المشاركين في الاستطلاع الذين ولدوا بعد إقرار قانون الهواء النظيف كانوا أقل عصبية نسبيًا وأكثر قبولًا وضميرًا من أولئك الذين ولدوا من قبل.

اظهار أخبار متعلقة

لكن شوابا أكد أن النتائج ليست كلها أخبار جيدة. إذ أنه على الرغم من أن إزالة الرصاص من البنزين أدى إلى حدوث انخفاض كبير في تعرض الولايات المتحدة للرصاص، إلا أن التعرض المفرط من مصادر أخرى - مثل الأنابيب والتربة والمياه الجوفية - استمر في طرح المشكلة.

وهذا يعني أنه بمرور الوقت، وفق مؤلف الدراسة، "بدأ الرصاص يمارس تأثيرًا سلبيًا غير متناسب على السكان الأكثر ضعفًا الذين يعيشون في المناطق الصناعية" حيث توجد هذه المصادر عادةً.

الأطفال السود أكثر عرضة للإصابة

وقال إن "الأطفال السود أكثر عرضة بمرتين من الأطفال البيض أن يكون لديهم مستويات عالية من الرصاص في دمائهم نتيجة هذه الأيام".

الأمر الذي يطرح السؤال التالي: هل يمكن أن تكون شخصية البالغين في الواقع نتيجة للاختلافات في الثروة بدلاً من التعرض للرصاص؟

وأقر شوابا أنه من الصعب إثبات السبب المباشر، مضيفًا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث "لفصل" تأثير التعرض للرصاص عن العوامل الأخرى. وأشار إلى أن فريقه قارن سمات الشخصية في نفس المقاطعات الأمريكية قبل وبعد تراجع مستويات الرصاص في الانخفاض.

وقال: "بصرف النظر عن التغييرات في الرصاص الجوي، كانت كل مقاطعة بشكل عام هي نفسها قبل الانخفاض في الرصاص كما كانت بعده، مما يتيح لنا بعض الثقة في أن التغييرات في الشخصية، وبالتالي، لم تُعز إلى الاختلافات في الوضع الاجتماعي والاقتصادي".

ومع ذلك، أوضحت رئيس سابق لمجلس الصحة البيئية التابع للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أنه عندما يتعلق الأمر بتنمية الشخصية، فإن العديد من العوامل تلعب دورًا.

قالت الدكتورة جينيفر سامبل، طبيبة الأطفال وأخصائية السموم الطبية في "بلات سيتي" بولاية ميزوري، إن "الرصاص سم عصبي قوي لدى الأطفال ومن المعروف أن له تأثير على التطور والسلوك. ومن المعروف أيضًا أن هذه التأثيرات تصل إلى مرحلة البلوغ، خاصةً إذا لم يكن هناك تخفيف للتعرض، فمن المنطقي أن تتأثر الشخصية أيضًا".

وأكد شوابا أنه لا يوجد مستوى آمن للتعرض للرصاص. وقال: "إن مصادر التعرض الحديث - مثل الأنابيب المحتوية على الرصاص والرصاص في التربة - تستمر في التأثير سلبًا على الناس حتى يتم إزالة الرصاص من البيئة".