للأسف كثير منا تراه يهتم كثيرًا بما يخفي الناس في نواياهم، على الرغم من أنه لا أحد من الممكن الوصول إلى قلوب الناس ونواياهم لمعرفة فيما يفكرون، لأن الأمر برمته بيد الله عز وجل وفقط، وفي هذا يقول الفاروق الخليفة الثاني سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (عاملوا الناس بما يُظهرون لكم، والله يتولّى مافي صدورهم )، نعم إنها نصيحة في محلها وغالية جدًا، وتأتي من رجل شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينطق إلا حقًا.
إذن على الجميع أن يعي جيدًا أنه ليس بالظنون ولا بالتكهنات ولا بالإحساس نعامل الناس .. فقط بالظاهر.. لأن هذا هو الدليل العملي الوحيد لفهم الناس.. أما ما يتبقى ويقع خلف النوايا فإنه لا يمكن الوصول له لأنه ليس بأيدينا ذلك.
لا للاحتمالات
عزيزي المسلم، اعلم جيدًا أن المعاملات لا يمكن أن تبنى على الاحتمالات والتكهنات لما في الصدور سواء بالخير أو بالشر !.. المهم أنك لا تستهين بما هو ظاهر منهم أو تقلل منه فتحاول أن تعوضه بظنونك ، وثق أن هذا الظاهر كافٍ جداً لإعلامك بكل شيء بالقدر المناسب لك في الوقت المناسب لك !
وهذه هي البصيرة التي ستظهر لك كل شيء خير لك معرفته و من غير ظنون أو حيرة .. بالاستعانة وبيقينك باسم الله ( الظاهر )
لو آمنت به وبقدرة الله فيه جيدًا.. فثق أنه قادر على إظهار كل حق لكن بقدّره و في وقته المناسب..
الصعوبة قد تكون في أي إنسان لا يستطيع أن يصبر حتى يأتي هذا الوقت المناسب .. فيعجل باستنتاجاته هو .. فيبدأ في الظنون و التوقعات أو التبريرات .. ثم يُصدق نفسه .. ,ويستعجل في الحكم .. فتكون النتيجة أن يظلم غيره أو يظلم نفسه !.
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةتوقيت الظهور
وسط كل ذلك، ن المهم جدًا أن نعي جيدًا أن توقيت الظهور غير محدد وممتد ليوم الدين !.. ولذلك هناك البعض قد يتوفاه الله عز وجل وهو لم يعش ظهور الحق الذي يريده، لكن مع ذلك لابد أن تظهر أمور أخرى كثيرة تبصرك بطُرق أخرى و أبعاد أخرى تمامًا تنير لك طريقك.. لكن كل هذا لا يجوز أن يخرجنا عن إطار: (عاملوا الناس بما يُظهرون لكم، والله يتولّى مافي صدورهم )، وهذا في الحالتين .. بمعنى .. لو التعامل الظاهر شر و في صدورهم خير .. أيضًا الأمر ليس ملكك !.. لأن القاعدة الفقهية تقول: (النية الطيبة لا تصلح العمل الفاسد ).
النفس البشرية معقدة جداً و مركبة جداً .. و من الجهل أنك تعتقد أن خبراتك أو إحساسك أصبح قادرًا على إدراك النفوس و بواطنها .. لأن الله وحده العليم بها، قال تعالى يوضح ذلك: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )، فلا نملك غير أن نتعامل بالظاهر من البشر .. مع اليقين أن فوق كل ظاهر منهم .. الله هو ( الظاهر ).. فسيبصرك و سيظهر لك القدر المناسب لقدراتك و وضعك و مشاعرك .. من غير أن تدخل في شبهات الظنون و ظلام الحيرة و مرار الأحكام والظلم ..