الإرادة.. هذا المعنى الجميع المحفز على إتيان كل صعب، بل وتحقيق أغلب أمانينا وأحلامنا، لكن هل هذه الإرادة البشرية بمنأى عن الإرادة الإلهية؟.. بالتأكيد لا.. لأنها بالأساس تأتي من إرادة إلهية، أي أن الله عز وجل يمنح عبده الإرادة اللازمة ليحقق أمرًا أراده بالأساس الله له، وفي ذلك يقول أحد الحكماء: «فما خلق الإرادة فيك لتكون لك الإرادة، ولكن لتدحض إرادته إرادتك فتعلم أنه ليس لك إرادة»، فترى الله سبحانه وتعالى يضع طريقين لكل عبد عليه أن يختار بينهما، طريق الهداية، ونهايته بالتأكيد جميلة.
قال تعالى: «فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » (البقرة: 38)، وطريق الضلال، ونهايته وليعاب بالله لا يتمناها الجميع، قال تعالى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى » (طه: 124 - 126)، إذن إرادتك ملكك والله عز وجل يتركك يختار، لكنه هو صاحبها بالأساس.
المشيئة الكاملة
عزيزي المسلم، لله عز وجل المشيئة الكاملة في كل شيء، فهو يخلق بداخلك الإرادة، ومن ثم تتحرك أنت إلى تحقيقها، قال تعالى: « قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ » (آل عمران: 40)، لذا على كل مسلم أن يختار طريق الصواب حتى يوفقه الله عز وجل إلى الخير، فيكسب الخيرين، خير تحقيق حلمه، وخير أن يكون هذا الحلم ضمن معية الله عز وجل، قال تعالى: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ » (البقرة: 185).
إذن لا مجال للإرادة إلا بمشيئة الله عز وجل، فلما لا نستغلها في طاعة الله؟.. خصوصًا إذا علمنا أن الإرادة الكونية القدرية هي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات خيرها وشرها، التي يقال فيها: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذه الإرادة مثل قوله تعالى: « فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا » (الأنعام: 125).
إرادة واحدة
إذن العبد الحكيم (الكيّس) هو الذي يربط إرادته بإرادة المولى عز وجل، حينها سيوفقه الله، ولكن أيما توفيق، التوفيق إلى الخيرين، خير الدنيا، وخير الآخرة، بينما من أراد إرادة في غير رضا الله ربما نال ما يبغيه في الدنيا، تحتة مظلة وإرادة الله عز وجل، لكنه بالتأكيد سيخسر في الآخرة كثيرًا، قال تعالى: «لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ » (التكوير: 28-29).
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولى