بقلم |
محمد جمال حليم |
الاثنين 22 يوليو 2024 - 10:38 ص
لو تصورت شكل المجتمع بدون حياء الحياء صمام أمان المجتمع.. كيف نتخلق به لو تصورت شكل المجتمع بدون حياء لكان مجتمعا متفسخًا ماديًا كل هم الناس فيه أن يتحصلوا على مصالح فلا يستحي شخص من آخر ولا يستحي حتى من نفسه أو أن يراه غيره على منكر.. ولهذا كان الحياء صمام أمام المجتمعات. من جانبه، يبين عادل هندي الأستاذ بجامعة الأزهر أن الحياء يحقق الحياة بشكل جميل دون نزاع او خلاف وبدونه يعيش الإنسان في كدر، ولهذا اوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق ففي الحديث: الحياء خير كله .. الحياء كله خير. مفهوم الحياء: ويضيف أن الحياء مشتق من الحيا وهو المطر، والمطر يحول الأرض الميتة إلى أرض فيها خير كبير، قال تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت:39]، وكما يحيي ربنا الأرض الموات فإنه يحيي القلوب الميتة، لكن القلب الميت لا يحيا إلا بمادة الحياء، وهو زاد الإيمان، ابن القيّم: الحياء (الّذي هو الاستحياء) مشتق من الحياة. "فالحيي حيّ، وغير الحيي ميت وهالِك"، يقول الرّاغب: الحياء انقباض النّفس عن القبائح وتركها، والحياء الشرعي: ألا تستحيي من الحق، وقدم الحياء من الله عز وجل على الحياء من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه) فيؤثر الحياء من الله عز وجل على الحياء من الناس. فالحياء الشرعي لا يمنعك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما الذي يمنعك شيء آخر غير الحياء، وهو الجبن والخوف والهلع، فتركك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياء من الناس ليس من الحياء في شيء، بل هو من الخور والهلع والجبن. -قال الجنيد رحمه الله: الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء. -وحقيقته: خُلُق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق. أهمية الحياء في الإسلام: ويوضح أستاذ الثقافة بجامعة الزهر أن الحياء صفة لربّ العزّة جلّ وعلا... يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: [من وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إلى الله عز وجل بزمامه، وأدخلته على ربه، وأدنته وقربته من رحمته، وصيرته محبوباً له، فإن الله حيي يحب أهل الحياء، جميل يحب الجمال، رحيم يحب الرحماء، كريم جواد يحب الجود، قوي يحب المؤمن القوي]. والحياء خلق نبوي كريم لأنبياء الله ومرسليه، وشعبة من شُعب الإيمان، وتلك منزلة للصديقين والصالحين، وبيان ذلك على النّحو التالي: -الحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو رأس المكارم: روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ». وقد ذكر ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق أنّ أم المؤمنين عائشة قالت: "مكارم الأخلاق عشرة يقسمها الله لمن أحب، وعدّت منها: والحياء رأسها". وقال عبد الله بن مسعود: «الإيمان عريان، وزينته التّقوى ولباسه الحياء». -الحياء صفة يحبها الله تعالى لعباده: روى ابن ماجة في سننه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْأَشَجِّ الْعَصَرِيِّ: "إنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمَ، وَالْحَيَاءَ" والحديث صححه الألباني. -الحياء إحدى سنن الأنبياء والمرسلين: ففي شعب الإيمان للبيهقي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالسِّوَاكُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَكَثْرَةُ الْأَزْوَاجِ". -إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله قيل لـعمر بن عبد العزيز: إذا ذهب الحياء ذهب نصف الدين، قال: لا.إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله. حياء النبي: ويضيف " هندي" أن الحياء من ألأخص صفات النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فيما رواه الشيخان: (كان رسول الله - أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه)، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم منزلة الحياء، وأخبر أن الحياء خير كله، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الحياء قرين الإيمان، وأنه منزلة من منازل الإيمان، بل أنكر على من وعظ أخاه في الحياء، وأخبر أن الحياء لا يأتي إلا بخير. -وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حييا عفيفًا في استخدام الكلمات -حتى المباحة- فها هو يتكلم فيقول عن العلاقة بين الرجل وزوجته: «إذا جلس بين شعبها الأربع .... فقد وجب الغسل». شكل الدنيا بلا حياء: ويفترض "هندي" حال الدنيا بلا حياء فيقول: تعالَوْا بنا لنتخيل حياة النّاس بلا خُلُق الحياء، فبنظرة متأنية في رحاب مجتمعٍ منحلّ أخلاقيًّا، ومنجرف نحو السوء سلوكيًّا، نرى الآتي: إذا فُقِد الحياء: لقد ضاع الحياة وضاعت معه كل القيم، لقد عمل أعداء الأخلاق الفاضلة على نشر الفواحش والشهوات؛ لإضلال الناس وتنفيذ مخطط الشيطان، فكان شر جند لأشرّ مخلوق. 1.تكثر الفواحش علنًا ويجاهر بها الناس، ولا يتحرجون من ذكر ذلك أو نشره على الناس. وقد روى البخاري وابن ماجة والبيهقي من حديث أبي مسعود أنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» أي: إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار ممّا تفعله فافعل ما تحدّثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا، ولفظه أمر، ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأنّ الذّي يردع الإنسان عن مواقعة السّوء هو الحياء، فإذا انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة، وتعاطي كلّ سيّئة. 2.ضاعت الأمانات وخربت الذمم وكثر الظلم والبطش، ومن ثمّ: تكثر المصائب، وتحل الكوارث. 3.كثر الكذب والدّجل والنفاق، وكثر السحرة الذين يسحرون أعين النّاس، فيقلبوا الحقّ باطلا والباطل حقًّا. 4.كثر القتل وسفك الدم واغتصاب الحريات، فلا رقيب، ولا وازع من ضمير أو خوف من ربٍّ خالق جبار منتقم؛ لا سيّما أنّ القلوب إذا خلا منها الحياء، فلا مراقبة ولا خوف ولا رهبة من الله العليّ سبحانه. 5.أذِن الله بهلاك من فقده أو عمل على إفقاده لغيره: فقد ذكر ابن عبدالبر في الاستذكار: عن سلمان الفارسي قوله: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا، نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ». وهكذا من نُزِع منه الحياء فقد نُزِع منه كل خير، فتجد من ليس عنده حياء يتحدث بكلام خادش للحياء والطهارة والنقاء، تجده يتغزّل في النّساء ويتتبعهن، ويطلب ودّهن وتأييدهنّ!. 6.كانت الذلّة أمام النّاس، وكان من فقدَ الحياء حديث المجالِس، بينما في المقابل: الحيي يدافع الله عنه ويبرئه من كل منقصة: ففي النموذج الأول: قصة امرأة العزيز أكبر الدليل على أنّ من فقد الحياء ناله من كلام الناس ما ناله، فها في تخلع لباس الحياء وتجري خلف يوسف عليه السلام، فيتحدث عنه نسوة المدينة، ثم يشهدن عليها بالانحراف وقتها: «ما علمنا عليه من سوء» وتنطق امرأة العزيز «أنا راودته عن نفسه» تصغير للنفس وتحقير لشأنها؛ عند خلع الحياء، أما النموذج الثاني: فامرأة طاهرة نقيّة يدافع عنها ربّها في حادثة سميت في التاريخ: بـ "حادثة الإفك" ويبرؤها من فوق سبع سماوات، بل ويقف لها مناصرون ومدافعون عنها كأبي أيوب الأنصاري وزوجه. مجتمعا متفسخًا ماديًا كل هم الناس فيه أن يتحصلوا على مصالح فلا يستحي شخص من آخر ولا يستحي حتى من نفسه أو أن يراه غيره على منكر.. ولهذا كان الحياء صمام أمام المجتمعات. من جانبه، يبين عادل هندي الأستاذ بجامعة الأزهر أن الحياء يحقق الحياة بشكل جميل دون نزاع او خلاف وبدونه يعيش الإنسان في كدر، ولهذا اوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق ففي الحديث: الحياء خير كله .. الحياء كله خير. مفهوم الحياء: ويضيف أن الحياء مشتق من الحيا وهو المطر، والمطر يحول الأرض الميتة إلى أرض فيها خير كبير، قال تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت:39]، وكما يحيي ربنا الأرض الموات فإنه يحيي القلوب الميتة، لكن القلب الميت لا يحيا إلا بمادة الحياء، وهو زاد الإيمان، ابن القيّم: الحياء (الّذي هو الاستحياء) مشتق من الحياة. "فالحيي حيّ، وغير الحيي ميت وهالِك"، يقول الرّاغب: الحياء انقباض النّفس عن القبائح وتركها، والحياء الشرعي: ألا تستحيي من الحق، وقدم الحياء من الله عز وجل على الحياء من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه) فيؤثر الحياء من الله عز وجل على الحياء من الناس. فالحياء الشرعي لا يمنعك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما الذي يمنعك شيء آخر غير الحياء، وهو الجبن والخوف والهلع، فتركك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياء من الناس ليس من الحياء في شيء، بل هو من الخور والهلع والجبن. -قال الجنيد رحمه الله: الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء. -وحقيقته: خُلُق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق. أهمية الحياء في الإسلام: ويوضح أستاذ الثقافة بجامعة الزهر أن الحياء صفة لربّ العزّة جلّ وعلا... يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: [من وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إلى الله عز وجل بزمامه، وأدخلته على ربه، وأدنته وقربته من رحمته، وصيرته محبوباً له، فإن الله حيي يحب أهل الحياء، جميل يحب الجمال، رحيم يحب الرحماء، كريم جواد يحب الجود، قوي يحب المؤمن القوي]. والحياء خلق نبوي كريم لأنبياء الله ومرسليه، وشعبة من شُعب الإيمان، وتلك منزلة للصديقين والصالحين، وبيان ذلك على النّحو التالي: -الحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو رأس المكارم: روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ». وقد ذكر ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق أنّ أم المؤمنين عائشة قالت: "مكارم الأخلاق عشرة يقسمها الله لمن أحب، وعدّت منها: والحياء رأسها". وقال عبد الله بن مسعود: «الإيمان عريان، وزينته التّقوى ولباسه الحياء». -الحياء صفة يحبها الله تعالى لعباده: روى ابن ماجة في سننه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْأَشَجِّ الْعَصَرِيِّ: "إنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمَ، وَالْحَيَاءَ" والحديث صححه الألباني. -الحياء إحدى سنن الأنبياء والمرسلين: ففي شعب الإيمان للبيهقي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالسِّوَاكُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَكَثْرَةُ الْأَزْوَاجِ". -إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله قيل لـعمر بن عبد العزيز: إذا ذهب الحياء ذهب نصف الدين، قال: لا.إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله. حياء النبي: ويضيف " هندي" أن الحياء من ألأخص صفات النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فيما رواه الشيخان: (كان رسول الله - أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه)، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم منزلة الحياء، وأخبر أن الحياء خير كله، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الحياء قرين الإيمان، وأنه منزلة من منازل الإيمان، بل أنكر على من وعظ أخاه في الحياء، وأخبر أن الحياء لا يأتي إلا بخير. -وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حييا عفيفًا في استخدام الكلمات -حتى المباحة- فها هو يتكلم فيقول عن العلاقة بين الرجل وزوجته: «إذا جلس بين شعبها الأربع .... فقد وجب الغسل». شكل الدنيا بلا حياء: ويفترض "هندي" حال الدنيا بلا حياء فيقول: تعالَوْا بنا لنتخيل حياة النّاس بلا خُلُق الحياء، فبنظرة متأنية في رحاب مجتمعٍ منحلّ أخلاقيًّا، ومنجرف نحو السوء سلوكيًّا، نرى الآتي: إذا فُقِد الحياء: لقد ضاع الحياة وضاعت معه كل القيم، لقد عمل أعداء الأخلاق الفاضلة على نشر الفواحش والشهوات؛ لإضلال الناس وتنفيذ مخطط الشيطان، فكان شر جند لأشرّ مخلوق. 1.تكثر الفواحش علنًا ويجاهر بها الناس، ولا يتحرجون من ذكر ذلك أو نشره على الناس. وقد روى البخاري وابن ماجة والبيهقي من حديث أبي مسعود أنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» أي: إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار ممّا تفعله فافعل ما تحدّثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا، ولفظه أمر، ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأنّ الذّي يردع الإنسان عن مواقعة السّوء هو الحياء، فإذا انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة، وتعاطي كلّ سيّئة. 2.ضاعت الأمانات وخربت الذمم وكثر الظلم والبطش، ومن ثمّ: تكثر المصائب، وتحل الكوارث. 3.كثر الكذب والدّجل والنفاق، وكثر السحرة الذين يسحرون أعين النّاس، فيقلبوا الحقّ باطلا والباطل حقًّا. 4.كثر القتل وسفك الدم واغتصاب الحريات، فلا رقيب، ولا وازع من ضمير أو خوف من ربٍّ خالق جبار منتقم؛ لا سيّما أنّ القلوب إذا خلا منها الحياء، فلا مراقبة ولا خوف ولا رهبة من الله العليّ سبحانه. 5.أذِن الله بهلاك من فقده أو عمل على إفقاده لغيره: فقد ذكر ابن عبدالبر في الاستذكار: عن سلمان الفارسي قوله: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا، نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ». وهكذا من نُزِع منه الحياء فقد نُزِع منه كل خير، فتجد من ليس عنده حياء يتحدث بكلام خادش للحياء والطهارة والنقاء، تجده يتغزّل في النّساء ويتتبعهن، ويطلب ودّهن وتأييدهنّ!. 6.كانت الذلّة أمام النّاس، وكان من فقدَ الحياء حديث المجالِس، بينما في المقابل: الحيي يدافع الله عنه ويبرئه من كل منقصة: ففي النموذج الأول: قصة امرأة العزيز أكبر الدليل على أنّ من فقد الحياء ناله من كلام الناس ما ناله، فها في تخلع لباس الحياء وتجري خلف يوسف عليه السلام، فيتحدث عنه نسوة المدينة، ثم يشهدن عليها بالانحراف وقتها: «ما علمنا عليه من سوء» وتنطق امرأة العزيز «أنا راودته عن نفسه» تصغير للنفس وتحقير لشأنها؛ عند خلع الحياء، أما النموذج الثاني: فامرأة طاهرة نقيّة يدافع عنها ربّها في حادثة سميت في التاريخ: بـ "حادثة الإفك" ويبرؤها من فوق سبع سماوات، بل ويقف لها مناصرون ومدافعون عنها كأبي أيوب الأنصاري وزوجه.