كثيرًا ما نبحث عن الشخص الوفي.. هذه أقوى إشارة على وفاء الرجل
بقلم |
عامر عبدالحميد |
الاربعاء 31 يناير 2024 - 10:33 ص
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر: " فكيف بك يا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وخفت أمانتهم ". وقيل لبعض الحكماء: بأي شيء يعرف وفاء الرجل دون تجربة واختبار؟ قال: بحنينه إلى أوطانه، وتلهفه على ما مضى من زمانه.
فوائد وحكم:
1-ذكر الأصمعي، قال أعرابي: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده فانظر إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من أزمانه. 2- وروى عروة عن السيدة عائشة: أنها تمثلت بقول لبيد بن ربيعة: ذهب الذين يعاش في أكنافهم .. وبقيت في خلف كجلد الأجرب ثم قالت: كيف لو أدرك لبيد زماننا هذا؟ قال عروة: كيف لو أدركت عائشة زماننا هذا؟. بلغ ابن عباس قول عائشة: رحم الله لبيدا، لو أدرك زماننا هذا؟ فقال ابن عباس: رحم الله لبيدا ورحم عائشة. 3- وقد دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عجوز وهو في بيت عائشة، فأكرمها وقربها ووصلها، فقالت له عائشة: من هذه العجوز؟ فقال: " كانت تأتينا وتزورنا أيام خديجة، وحفظ العهد من الإيمان ". 4- ولما قدم بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة ينشد تشوقا إلى مكة، ويرفع صوته وينشد: ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة.. بواد وحولى إذخر وجليل 5- وخرج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج فقيه مكة، إلى اليمن إلى الأمير معن بن زائدة في دين ركبه. قال: فلما نزلت عليه رحّب بي وسهّل، وقال: ما أقدمك هذه الأرض؟ فقلت: دين ركبني لم تف به جائزة أمير المؤمنين، فضاق ذرعي فلم أر له سواك، فخرجت إليك. فقال: قدمت خير مقدم، يقضي دينك وتنصرف مسرورا إلى وطنك. قال: فأقمت عنده شهورا في أحسن مثوى وأكرم ضيافة، فإني لخارج من عنده يوما إذ رأيت الناس يتأهبون إلى الحج، فأدركتني وحشة، ولم أملك العبرة، وحنت نفسي إلى الوطن، فرجعت إليه وقد اغرورقت عيناي بالدموع. فقال لي: مالك؟ قلت: رأيت الناس في أُهْبة الحج والخروج إلى مكة فذكرت أبياتا لعمر بن أبي ربيعة حملتني على ما ترى، فلما أنشدها إياها قال: أتعزم على الرحيل والرجوع إلى وطنك؟ قلت: نعم. قال: صحبتك السلامة، ورزقت العافية. وخرجت من عنده فما وصلت إلى موضعي، حتى سبقني خمسة عشر بغلا عليها من خيرات اليمن، ودراهم، وضروب من الخير، فقضيت ديني وأبقيت منه كنزا مما بيدي اليوم.