يسأل أحدهم، هل لابد أن يكون هناك توازنًا بين الخوف و الرجاء.. وهل لو رجحت كفة الرجاء يتجرأ الإنسان على المعاصي؟.. بالأساس عزيزي السائل، التوازن موجود طبيعيًا، لأن من يتحدث على على الخوف أكثر من الذين يتحدثون عن الرجاء.. بل أنه لو تم حساب المسألة سنجد أن الميزان يزيد في جانب الخوف لأننا إذا قيمنا الواقع، سنحتاج إلى متكلمين عن الرجاء أكثر.. لأن الخوف فطري وموجود فى الطبائع ومن ثم نحاول التقليل منه بالرجاء ليحدث التوازن.
لكن ربما يكون هذا التوازن بالأساس غير شرعي بالمرة إذا علمنا أن الله سبحانه وتعالى قال في حديثه القدسي: (إن رحمتي سبقت غضبي)، فأي توازن نستهدفه بعد أن قرر الله عز وجل أن الكفة ترجح للرجاء على الخوف أبد الآبدين ودهر الداهرين.. وأي خوف على الجرأة والله هو المشرع؟.. ألا يعلم من خلق ماذا يشرع؟.
الجمع بين الخوف والرجاء
بالتأكيد على الإنسان أن يكون راجيًا طوال الوقت في رحمة الله العزيز الرحيم، ولما لا وهو الذي قال: «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» ( الزمر 9)، لكن عليه أيضًا أن يمنح مساحة ما للخوف، الخوف من الله عز وجل طوال الوقت، أن يكون الله رقيبه كل الوقت، في سره وعلانيته، وبذلك يكتمل إيمانه بلاشك.
وهؤلاء الذين قال الله عز وجل فيهم: «أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا» ( الإسراء 57)، انظر للمعنى العظيم والربط الجميل، بين يرجون رحمته ويخاوفن عذابه، هكذا يجب أن يكون حال المسلم، نعم يرجو رحمة ربه، لكن أيضًا يخشى عذابه.. ولا فرق بين الاثنين، لأنهما يكملان صفات الإنسان الطيبة لاشك.
التقوى
العلماء في ربطهم بين الخوف والرجاء، اعتبروا أن الجمع بينهما إنما هو التقوى، وحينها يعيش الإنسان وهو متقبل عمله، ولما لا والله عز وجل هو الذي قال في كتابه الكريم: «قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ» (المائدة: 27).
وبالتالي يتعين على كل مسلم الجمع بين الخوف من الله ورجاء رحمته ورضاه، فالخوف والرجاء واجبان يلزم العبد أن يتحلى بهما، فلا يأمن مكر الله ولا يقنط من رحمته، وليجعل بين عينيه دائماً النصوص الواردة في الأمرين، كقوله تعالى: «نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ» (الحجر: 49-50).
اقرأ أيضا:
السند والعون.. عند الوجع لن تجد أحدًا أقرب من أخيك إليك: "أخ"