لكل شيء في الإسلام آداب.. إذ علمنا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم كل شيء، حتى طريقة إخراج الألفاظ، وطريقة الحديث والكلام، فقد كان كلامه صلى الله عليه وسلم يسمع المنتبه ولا يزعج النائم، أي ليس بالصوت العالي الذي يزعج الناس، ولا الخافض الذي لا يسمعه الناس.
عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كان: « يجي من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا، ويسمع اليقظان»، وهو ما أكده ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، حيث قال: إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله، لكن يستثنى من رفع الصوت ما إذا كان بحضرة نيام فقد كان صلى الله عليه وسلم من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان.
الكلام المفهوم
أيضًا من حسن آداب الكلام، عدم (الرغي) فيما لا يفيد، وكأن الإنسان يتحدث لكي يتحدث، لا لكي يفهم من حوله ماذا يريد، أو ماذا يفعل، إذ أن الغاية من الكلام هو التوضيح، وليس (الرغي) دون سبب، وقد كان من هدي النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الكلام، المبالغة في الترتيل والتفهيم.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كان «يحدث حديثًا لو عده العاد لأحصاه»، أي كان لا يسرع فيه ولا يخلله السكوت فيقطعه بل يبالغ في إفصاحه وبيانه بحيث لو عده العاد لأحصاه، أي أنه مخارج الألفاظ عنده كانت مفهومة جدًا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتكلم بكلام واضح مفهوم، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضًا، قالت: « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم».
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالحفظ عنه
أحيانًا الآن ترى المدرس أو الخطيب في المسجد يتحدث، ثم يخرج الناس من بين يديه، وقد نسوا ما قاله، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفظ عنه الناس كل الكلام الذي يقوله، فقد روى الترمذي من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كان يتكلم بكلام يبينه، فصل، يحفظه من جلس إليه»، والمقصود بكلام بين فصل: أي فاصلا بين الحق والباطل، وقد وصفت أم معبد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل لَا هذر ولا تزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن».