اعلم أن القلب في أصل الوضع سليم من كل آفة والحواس الخمس توصل إليه الأخبار فتوضع في صفحته.
فينبغي أن يستوثق من سد الطرق التي يخشى عليه منها الفتن فإنه إذا اشتغل بشيء منها أعرض عما خلق له من التعظيم للخالق والفكر في المصالح، ورب فتنة علقت به شبهة فكانت سببا في هلاكه.
وقد قال الصحابي النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا وإن في الإنسان مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.
1-قيل لعيسى لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك قال أنا أكرم على الله من أن يجعل لي شيئا يشغلني به.
2- وباع ابن عمر جملا فقيل له لو أمسكته فقال لقد كان موافقا ولكنه أذهب شعبة من قلبي فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
3- وقال الحارث بن نبهان : قدمت من مكة فأهديت إلى مالك بن دينار ركوة فكانت عنده فجئت يوما فجلست في مجلسه فلما قضاه قال لي يا حارث تعالى خذ تلك الركوة فقد شغلت علي قلبي فقلت يا أبا يحيى إنما اشتريتها لك تتوضأ فيها وتشرب فقال يا حارث إني إذا دخلت المسجد جاءني الشيطان فقال لي يا مالك إن الركوة قد سرقت فقد شغلت علي قلبي.
4- وقالت رابعة شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل ولو تركوها لجالت في الملكوت ثم رجعت إليه بطرائف الفوائد.
5- وحكى الواعظ ابن السماك عن امرأة كانت تسكن البادية قال سمعتها تقول لو تطالعت قلوب المؤمنين بفكرها إلى ما ادخر لها في حجب الغيوب من خير الأجر لم يصف لهم في الدنيا عيش ولم تقر لهم في الدنيا عين.
6- وقال العابد أحمد بن خضرويه : القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح وإذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمها على الجوارح.
7- ونقل عن الإمام علي: ليس من العبادات شيء أنفع من إصلاح خواطر القلوب.
8- وسئل أحد الصالحين عن سلامة القلب فقال : العزلة والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب ولا على حقد ويهب لمن ظلمه حقه.
اقرأ أيضا:
للعالم والمتعلم.. نصائح ذهبية من الإمام علي