خلق الله الأرض وعمرها وجعل الإنسان خلية فيها يسعى لإصلاحها وجعل الزواج نعمة يتكامل فيها دور الذكر مع الأنثى ليعمر الكون وتحل البركة، لذا شرع له ضوابط وأحكامًا بها تستقر الحياة ويقل النزاع ويحصل التفاهم بين الزوجين.
ومما شرع الله في الزواج طاعة المرأة لزوجها فالواجب على الزوجة؛ أن تطيع زوجها في المعروف، ومن محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها؛ إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وإذا لم تطع الزوجة زوجها فيما يجب عليها من الطاعة؛ كانت ناشزًا.
فضل طاعة الزوجة:
ولقد رتب الله تعالى على طاعة الزوجة على زوجها ورتب عليها ثوابًا عظيمًا وقد وردت عدة أحاديث تبين ذلك منها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها "، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، فمن أول الحقوق التي قررها الدين للرجل هي أن تطيعه زوجته في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه، إذ ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حق، فأما حقكم على نسائكم ألا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون".
وسائل إصلاح الزوجة حال النشوز:
وإذا وقعت الزوجة في النشوز يتركها الطاعة عليها تراجع نفسها أولاً وتتقي الله في زوجها وعلى الزوج أن يحسن معاشرتها ويقومها بما شرع الله من وسائل الإصلاح ويكون بالوعظ والنصح والإرشاد فإن لم تستجب فتأتي مرحلة الهجر في المضاجع فإن لم تستجب جاءت مرحلة الضرب غير المبرح فإن لم تستجب جاءت مرحلة الطلاق، قال تعالى: "وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، والطلاق هو آخر العلاج، لكن ينبغي على الزوج؛ أن يصبر على زوجته ولا يتعجل في طلاقها، وينظر إلى الجوانب الحسنة في صفاتها وأخلاقها، ويوازن بين الحسن والسيء؛ قال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.
حدود طاعة الزوجة لزوجها:
وتتحدد ضوابط وحدود طاعة الزوجة لزوجه فيما يلي:
1) الطاعة في كل ما تؤمر به.. حتى لو كان هذا الشيء لا يقره الدين.
2) الطاعة المحددة بحدين أن يكون المأمور به في حيز الإمكان والقدرة وألا يعارض الدين أو التقليد الكريم، سواء أكان المأمور به يتصل بالحياة الزوجية أو لا يتصل بها.
3) الطاعة في المقدور عليه والذي لا يعارض الدين أو التقليد والذي يتعلق بالحياة الزوجية، كالمتعة وتربية الأولاد وخدمة الزوج وما شاكل ذلك، دون ما يكون له جهة اختصاص أخرى تطلبه كالعبادات الخالصة لوجه الله تعالى، وما يخوله لها حرية التصرف.
4) الطاعة في أمرين اثنين مما تقضيه الحياة الزوجية، أو مما يتصل بها، وهما ما تسقط بالمخالفة فيهما النفقة الواجبة لها على الزوج، وهما المتعة الخالصة ولزوم البيت دون غيرهما.