صلاة عيد الفطر سُنة مؤكدة داوم علي أدائها رسول الله صلي الله عليه وسلم بل وأمر الرجال والنساء بأدائها، –حتى المرأة الحائض تخرج للاستماع إلى خطبة العيد ولا تؤدي صلاة العيد وتكون بعيدة عن المصلى، ويستحب لمن يذهب لأداء صلاة العيد الحرص على الاغتسال وارتداء أفضل الثياب، مع التزام النساء بمظاهر الحشمة وعدم كشف العورات، والالتزام بغض البصر عن المحرمات،
ومن الأمور التي حث رسول الله صلي الله عليه وسلم عليها التبكير إلى مصلى العيد بسكينة ووقار، ويستحب الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر، لحديث جابر رضي الله عنه: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رواه البخاري، ومن الحكمة في ذلك: أن يوافق تسليم الملائكة ووقوفهم على أبواب الطرقات، وأن يشهد له الطريقان بإقامة شعائر الإسلام.
ومن الثابت شرعا أن صلاة العيد تؤدي في جماعة كما جري العمل عن السلف الصالح ، ، فإن حضر وقد سبقه الإمام بالتكبيرات أو ببعضها لم يقض هذه التكبيرات مرة أخرى؛ لأن التكبيرات سنة مثل دعاء الاستفتاح، والسُّنَّةُ أن يرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لما روي «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْعِيدَيْنِ».
ومن المستحب أن يقف ُ المسلم بين كل تكبيرتين بقدر آية يذكر الله تعالى؛ لما رُوِيَ أن ابْنَ مَسْعُودٍ وَأَبَا مُوسَى وَحُذَيْفَةَ خَرَجَ إِلَيْهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ قَبْلَ الْعِيدِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا الْعِيدَ قَدْ دَنَا فَكَيْفَ التَّكْبِيرُ فِيهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً تَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلاةَ وَتَحْمَدُ رَبَّكَ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَدْعُو وَتُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ... الحديث، وفي رواية أخرى: فقال الأشعري وحذيفة-رضي الله عنهما-: «صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ».
وقد نقل عن السنة النبوية الشريفة أن يقرأ بعد الفاتحة بــ"الأعلى" في الركعة الأولى و"الغاشية" في الثانية، أو بــ"ق" في الأولى و"اقتربت" في الثانية؛ كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والسُّنَّةُ أن يجهر فيهما بالقراءة لنقل الخلف عن السلف.
صلاة عيد الفطر تؤدي ركعتين تجزئ إقامتهما كصفة سائر الصلوات وسننها وهيئاتها -كغيرها من الصلوات-، وينوي بها صلاة العيد، هذا أقلها، وأما الأكمل في صفتها: فإن يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرةِ القيام والركوع، والتكبيراتُ قبل القراءة، لما روي «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى سَبْعًا وَخَمْسًا، فِي الأُولَى سَبْعًا، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا، سِوَى تَكْبِيرَةِ الصَّلاةِ"، ولما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ».
أما عن موعد صلاة العيد فيبدأ وقت صلاة عيد الفطر من وقت ارتفاع الشمس، أي: بعد شروقها بحوالي ثلث الساعة، ويمتد إلى زوال الشمس، أي: قبيل وقت الظهر ، وعلى المسلم ألا يحزن ويخاف من ضياع الأجر فيما اعتاد فعله من العبادات لكن منعه العذر؛ وذلك لأنَّ الأجر والثواب حاصل وثابت حال العُذر، بل إنَّ التعبُّد في البيت في هذا الوقت الذي نعاني فيه من تفشي الوباء يوازي في الأجر التعبُّد في المسجد، ويجوز لمن فاتته صلاة العيد أن يصليها قضاءً كما ذكر العديد من العلماء.
وبحسب السنة النبوية تؤدي صلاة العيد في الساحة انطلاقا من أن الغرض الأساسي من الصلاة هو اجتماع المسلمين وتبادل التهاني بالعيد ؛ لِما ورد من فِعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إن لم يكن هناك أيّ عُذرٍ يمنع من ذلك، أمّا إن وُجِد عذرٌ، كالمطر، أو الرِّياح، فلا حرج بأن تُؤدّى في المسجد، وإن وُجِد مَن لا يستطيع الخروج إلى المُصلّى؛ لضعف أو عجز، استخلف الإمام في مسجد البلد من يُصلّي بهم؛ لِما ورد من فِعل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-،
وقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في ذلك: "السنّة أن يُصلى العيد في المصلّى؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يخرج إلى المصلّى ويدع مسجده، وكذلك الخلفاء من بعده، ولأنّ هذا إجماع المسلمين، فإنّ الناس في كلّ عصرٍ ومصرٍ يخرجون إلى المصلّى فيصلّون العيد"، وقال ابن القيّم أيضاً: "كان -صلّى الله عليه وسلّم- يصلّي العيديَن في المصلّى، وهَدْيه كان فعلهما في المصلّى دائماً".
وفيما يتعلق بأحكام صلاة العيد فقد عدّدت أقوال الفقهاء في حكم صلاة العيد، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، الأوّل: قال الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ مُؤكّدةٌ؛ استدلالاً بِما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قَوْله لأعرابيٍّ سأله عمّا افترضَه الله -سبحانه- عليه: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ)،
الفقهاء استدلوا في ذلك بمُداوَمة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عليها. أما القول الثاني فيما يخص أحكام صلاة العيد فيتعلق بقول الحنفيّة بأنّ صلاة العيد واجبة؛ وقد استدلّوا بأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- داومَ عليها، ولم يتركها ولو مرّة واحدة، ولأنّها تُصلّى جماعةً؛ فلو كانت سُنّةً لَمَا أُدِّيت جماعةً، أو جاء فيها استثناء كصلاة التراويح. القول الثالث: قال الحنابلة بأنّ صلاة العيد فرضٌ على الكفاية؛ استدلالاً بِقَوْل الله -تعالى-: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"، وبعدم ترك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لها.]